امتحانات السنة السادسة الثلاثي الثالث في مادة الإنتاج الكتابي

الموضوع:

تراجعت نتائجك الدراسية فتعرضت للوم والدتك وفقدان ثقتها. لكنّك حاولت جاهدا استعادة الثقة وأثبت لها أنّك مسؤول.

ارو ما حدث واصفا شعور كما ناقلا ما دار بينكما من حوار ذاكرا ما آل إليه الأمر في النهاية.

التحرير:

بلى، إنها هي أوراقي بخط يدي وعليها اسمي ولقبي. حملتها بين يدي أقلَبُها وأتفحصها واحدة تلو الأخرى. ثم أرجعتها للمعلم وعدت بخيبة أمل. لا بل بخيبات أحملها لوالدتي ولا أعلم بأي لسان لها هذا سازف الوهن.

دلفتُ المنزل. وتالله لا أدري أي أرجل حملتني طول الطريق. أدرتُ مفتاح باب غرفتي وتسللت حتى لا تتفطّن المسكينة إلى قدومي. لكن حدث ما لم أتوقعه إذ بها تستقبلني وبكل بحفاوة هاشة باشة وهي تسأل عن أعدادي وعن حالي كأنها لم ترني منذ شهر رمقت ها طويلا ثم قلت لها متلعثما:

• بخير يا أمي. ل..ك…. ن… أي أنا … لكن نتائجي قد تراجعت يا أمي. نزلت عليها كلماتي كالصاعقة فاضطربت قليلا ثم اغرورقت عيناها بالدموع وما لبثت أن أخذت تضرب جبينها بكفها حسرة وألما وقالت بعد أن تنهدت تنهيدة تنشق لها السماء :

أصغ إلي بني. لقد توقعت ذلك بني فمنذ إقبالك على الشاشات وأصحاب السوء صرت بین هرج ومرج غير مبال ولا مسؤول منذ أن ضربت بكل توصياتي ونصائحي عرض الحائط لم أتوقع منك خيرا قط. فما كل ما تمنيته

سأدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

أنهت كلماتها وانصرفت ململمة دموعها عاضة شفتيها كاتمة غيظها. أوصدت الباب بقوة. قوَةً لا تضاهي الألم الذي اعتراني والضيق الذي ليس كمثله ضيق. أسرعت للاعتذار منها لكنّ صوتا بداخلي منعني وهاتفا اخترق سمعي ! يقول: “لا تيأس يا هذا أنت قادر على تجاوز المحن. أنت قادر على مغالبة الفشل. فلتثبت لها أنّك محل ثقة ولتُرجع ثقتها فعلا لا قولا “

وضعت خطة لنفسي أرتب بها أوقاتي وكان الفضل فيها لمعلمتي. وشرعت بتنظيم وقتي بين العمل والعمل. فلا مجال للعب والسنة الدراسية توشك أن تنتهي. كنتَ تراني منتبها عيناي لا تفارقان معلمي أثناء الشرح أستفسر عن كل صغيرة وكبيرة لم أفهمها أو تجدني في غرفتي أذرعها جيئة وذهابا أردد ما درست وأسمعه نفسي. ثم يحين وقت العشاء فلا أكاد أخذ لقيمات حتى أسرع إلى دفاتري فأقضي الليل ساهرا أحلُّ الوضعيات وأعيد إنتاج النصوص متبعا نصائح معلمة العربية. لعم معلمتي التي لم أدع حرفا واحدا من نصائحها إلا وقفيت أثره. فكم كانت تساندني في لحظات انكساري وهي تردّد بكل ثقة :”عزيزي ما مضى ولى وفات فلا تبك على الأطلال بل لننهض من جديد وأنسز بكل قوة لنكمل مشوار التعلم ودرب التميز فمن نام وتقاعس لم ينتظرها النجاح”

وتمر الأيام وأتوجه أنا اليوم بإشراقة وجه لم تعهدها والدتي وأصرخ لقد نجحت يا أمي. ها أنا من المتوجهين للنموذجي يا أمي فلتفرحي ولتزغردي ولتحضنيني يا أماه.

وها هي الرياح يا أمي تجري كما تشتهي سفينتنا فنحن الرياح ونحن البحر والسفن.

قفزت عاليا كأنها بنت سبع سنوات وقالت والبشر يعلو وجهها وقد افتر ثغرها عن ابتسامة هادئة وما كادت تتحوّل إلى خنين ثم ضحكات تنم عن سعادة لم أر والدتي يوما في تلك البهجة وقالت: هذا هو ……….. الذي عهدته. نعم عاد إلي ولدي. فحمدا لله على عودتك ناجحا متفوقا يا ولدي ما أجمل عودتك لي وعلى كتفك المعول الذي ضربت به صخرة المستحيل.

والأروع أن السعادة عادت تعلو محياك مجددا وتعودين أنتِ مجبورة الخاطر .

وهكذا تيقنتُ أنّ العجز للضعفاء وأنّ القلوب حين تفيض أملا والعقول همة ونشاطا فلا ولن تكسرها حبال الفشل ولو طوقتك من جميع الجهات. وبقدر الكد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي ومن طلب العلا بغير كد أضاع العمر في طلب المحال.