الثالثة ثانويالعربية 3 ثانوي

شرح نص من المقامة الحلوانية – ثالثة ثانوي – مع الإجابة عن الأسئلة

يقدم لكم الموقع التربوي نجحني شرح نص من المقامة الحلوانية .. ثالثة ثانوي محور محور الفكاهة والهزل في القص العربي القديم ثالثة 3 ثانوي شرح نص من المقامة الحلوانية للكاتب بديع الزمان الهمذاني يندرج ضمن المحور الأول: الفكاهة والهزل.

شرح نص من المقامة الحلوانية
شرح نص من المقامة الحلوانية

التقديم : نصُ منْ المقامةِ الحلوانية

مقامةً هزليةً مسجوعةً ( السجعُ هوَ انتهاءٌ فاصلتينِ في الكلامِ ) مقتطفةً منْ كتابٍ مقامةٍ بديعْ الزمانْ الهمذاني وقدْ ولدَ هذا الكاتبِ سنةَ 338 للهجرةِ بهمذانْ وتوفيَ سنةُ 398 هجريٍ يندرجُ ضمنَ المحورِ الأولِ منْ كتابِ النصوصِ علاماتِ لغةً عربيةً ثالثةً ثانويٍ تعليمِ تونسَ الموضوعُ : نصُ منْ المقامةِ الحلوانية يصورَ الكاتبُ مظاهرَ انقلابِ القيمِ وغلبةِ القيمِ الماديةِ منْ خللِ ما تعرضَ لهُ عيسى بنْ هشامْ.

الموضوع : نصُ منْ المقامةِ الحلوانية

يصورَ الكاتبُ مظاهرَ انقلابِ القيمِ وغلبةِ القيمِ الماديةِ منْ خللِ ما تعرضَ لهُ عيسى بنْ هشامْ تقسيمٍ : نصُ منْ المقامةِ الحلوانية.

المقاطعُ حسبَ معيارِ بنيةِ المقامةِ :

1 – قبلُ دخولِ الحمامِ منْ سطرِ 1 إلى سطرِ 4

داخلَ الحمامِ : منْ سطرِ 5 إلى سطرِ 19 حدثنا … قالَ : السندُ

البقيةَ : المتنُ مغامرةَ عيسى بنْ هشامْ في الحمامِ مغامرةَ عيسى بنْ هشامْ في دكانِ الحلاقْ.

تحليلٌ : نصُ منْ المقامةِ الحلوانية

المقطعَ الأولِ :

الشرحُ ظاهرةَ العنوانِ – : هذهِ المقامةِ تنسبُ إلى مكانِ حلوانَ العنوانُ في المقامةِ منْ وضعِ الهمذاني ، وهوَ عنصرٌ ثابتٌ فيها العنوانُ خاصيةً منْ خاصياتِ المقامةِ

المقطعِ الأولِ 1 :

السندُ راجعَ تحليلُ هذا القسمَ في النصينِ السابقينِ المشروحينِ في المنتدى ( المقامةَ الحرزية – المقامةَ الموصلية ) تنبني هذهِ المقامةِ على ثنائيةٍ السندِ والمتنَ ، وهيَ ثنائيةٌ ترتقي إلى منزلهِ الثابتِ في شكلِ المقامةِ . وذلكَ مرتبطٌ بذلكَ التنازعِ بينَ ثقافةِ المشافهةِ وثقافةِ التدوينِ في ذلكَ العصرِ ، ويتساوقَ معَ تلكَ الرغبةِ في الإيهامِ بواقعيةِ الأحداثِ وفي مشاكلةٍ الحديثالنبويْ بنيةَ المقامةِ : تقومَ المقامةُ على ثنائيةٍ السندِ والمتنَ جملةَ السندِ ” حدثنا عيسى بنْ هشامْ ” : تحاكي المقامةُ بنيةَ الحديثِ والخبرِ عيسى بنْ هشامْ هوَ الراوي وهوَ البطلُ في نفسِ الوقاءِ واستخدمَ السردُ لتأطيرِ الحكايةِ.

المكانُ : حلوان مدينةً في العراقِ والعراقِ تمثلُ عاصمةَ الدولةِ العباسيةِ

الزمانَ : بعدُ العودةِ منْ الحجِ

الشخصياتِ : عيسى بنْ هشامْ هوَ الراوي في كلِ المقاماتِ ( 51 مقامةٍ ) بينما يلعبُ دورَ البطلِ أبو الفتحِ الإسكندريِ صورةَ البطلِ : البطلُ اجتماعيا تدلُ على الرفاهيةِ فهوَ منْ طبقةِ التجارِ

المقطعَ الثاني :

اعتمدَ أسلوبُ الوصفِ لوصفِ المكانِ وتحديدِ ملامحهِ وهوَ الحمامُ فضاءَ مغلقٍ وعموميٍ يعكسُ طبيعةَ العلاقاتِ الاجتماعيةِ عواملَ الغزلِ : الاضحامْ بالفعلِ : مفاجأةُ العاملِ للحريفِ ( عيسى بنْ هشامْ ) بتلطيخِ وجههِ بقطغة منْ الطينِ الإضحاكِ بالقولِ : ” يا لكعْ “ الإضحاكِ عبرَ المشهدِ والإضحاكِ بالمفارقةِ.شرح نص من المقامة الحلوانية

الْمُقْطَع الثَّانِي الْمَتْن


لِمَا : ظَرْفِيَّةٌ زمنية
قفلت : عُدَّت
أَطار زماني- : عَقِب مَوْسِم الْحَجّ
أَطار مَكَانِي : حُلْوَان

الشَّخْصِيَّات : عِيسَى بْنُ هِشَامٍ ، الْغُلَام ، عَامِلًا الْحَمَّام ، صَاحِبِ الْحَمَّامِ
الْأَحْدَاث : قفلت… نَزَلَت : تَوَاتَر الْأَفْعَال
تَوَفَّر مُقَوِّمَات الْقَصُّ فِي هَذَا النَّصِّ
الْمُقَامَة ذَات بِنِيَّة قصصية
قفلت- نَزَلَت : ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُفْرَد
يَضْطَلِع عِيسَى بْنُ هِشَامٍ بوظيفتين فِي هَذَا النَّصِّ
سَرْد الْأَحْدَاث
الْمُشَارَكَةِ فِيهَا
رَاو شَخْصِيَّةٌ

عِيسَى بْنُ هِشَامٍ هُوَ الشَّخْصِيَّةُ الرَّئِيسِيَّةُ فِي هَذَا النَّصِّ
الْمُقَامَة عَادَة تَبْدَأ بِرَحْلِه يُنْجِزُهَا الرَّاوِي و يُعَبِّرُ عَنْهَا بِاخْتِصَار شَدِيدٌ و بتكثيف كَبِيرٌ
قُلْت لِغُلَامِي : – نَمَط الْكِتَابَة هُو الحِوَار
أَطْرَاف الحِوَار : الْمُخَاطَب : عِيسَى بْنُ هِشَامٍ // سَيِّد
الْمُخَاطَب : الْغُلَام // عَبْد
الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ : – عِلاقَة أَمَر بِمَأْمُور
مَوْضُوعٌ الحِوَار : الْبَحْثِ عَنْ حَمَّامٍ مُنَاسِبٌ و حِلَاق مَاهِرٌ .

طَوِيلًا : – مَفْعُولٌ بِهِ
قَد اِتَّسَخ : أَدَّاه تَحْقِيق تفيدالتأكيد
اخْتَر – لِيَكُن : أَمْرٍ فِي مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ / طَلَب الْقِيَام بِالْفِعْلِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْلَاء
الشُّرُوطِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تَتَوَفَّر فِي الْحَمَّامِ : وَاسِعٌ الرُّقْعَة النَّظَافَة طَيَّب الْهَوَاء اعْتِدَال الْمَاء
شُرُوط الْحَجَّام : خُفِّه الْيَد نَظَافَة الثِّيَاب قَلِيلَ الْفُضُولِ حَدِيد الْمُوسَى
الشُّرُوط المثالية فِي الْحَمَّامِ و فِي الْحِلَاق
تَكْلِيف —- فَقَد اِتَّسَخ بَدَنِي قَلِيلًا // خَرَج مَلِيًّا // عَاد بَطِيء
هُنَاك مُفَارَقَة بَيْن سُرْعَة الْخُرُوجِ وَ الْبُطْء فِي الْعَوْدَة
السَّبَب : صُعُوبَة تَوَفَّر تِلْكَ الشُّرُوطِ الْمَطْلوبَةِ
قَد اخْتَرْته : – أَدَّاه تَحْقِيق تُفِيد التَّأْكِيد
قَد اِتَّسَخ / قَلِيلًا
الْإِنْجَاز : – الْعُثُور عَلَى الْمَطْلُوبِ
يتأسس الْخَطَّابِ فِي بِدَايَةِ هَذِه الْمُقَامَة عَلَى ثُنَائِيَّة التَّكْلِيف و الْإِنْجَاز و الْفَاعِلِيَّة و الْمَفْعُولِيَّة

تَقُومُ هَذِهِ الْمُقَامَة فِي بِدَايَتُهَا عَلَى الْإِضْحَاك و يَتَجَلَّى ذَلِكَ فِي
تَوَسَّل تِقْنِيَّةٌ الْعُدُول الَّتِي تَعْنِي ” الْمِيلِ أَوْ تَغْيِيرِ الْجِهَةِ أَوْ الرَّأْيِ ” أَوْ الِانْتِقَالِ مِنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ
آخَر مُنَاقِضٌ لَه . فَعِيسَى بْنُ هِشَامٍ فِي بِدَايَةِ الْمُقَامَة قَدْ أَقَرَّ باتساخ بَدَنِهِ بَعْدَ رَحْلِه شَاقَّة ، و لَكِنَّه
سُرْعَانَ مَا تَرَاجَع عَنْ كَلَامِهِ و ذَلِكَ بِاسْتِعْمَالِ ” حَال ” (( قَلِيلًا )) يُخَفِّف مَعْنَى الاتساخ و كَان
اللُّغَة هُنَا فِي صِرَاع دَاخِلِيّ بَيْنَ مَا هُوَ حَاصِلٌ و بَيْنَ مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ
هَذَا الْعُدُول مُرْتَبِطٌ بِطَبِيعَة أَرْكَان الْخَطَّاب : نَحْن إِزَاء خِطَاب مُوَجَّهٌ مِنْ سَيِّدِ لِغُلَامِه . هَذَا السَّيِّدِ
خَافَ أَنْ تَخَدَّش مَكَانَتِه كَسَيِّد و خَشِيَ أَنْ تَضِيع مِنْه مستلزمات السِّيَادَة ( النَّظَافَة : نَظَافَةَ الْبَدَنِ
و الهندام ) فكبحت حَرَكَة اللاوعي لِسَانِه و جَعَلَتْه يَعْدِل جُزْئِيًّا عَنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ

اخْتَر / لِيَكُن
أَنَّ هَذَا المنحى سيتواصل مَع عِيسَى بْنُ هِشَامٍ ، فَهُوَ بِسَبَبِ هَذَا الطَّارِئِ ” الاتساخ ” سيفقد شَيْئًا
فَشَيْئًا مستلزمات سِيَادَتُه و كَأَنَّهُ كَانَ يُصَارِع مِنْ أَجْلِ أَنَّ لَا يُفْلِتُ زِمَامَ الأُمُورِ مِنْهُ وَ أَنْ تَبْقَى
مَكَانَتِه الاجْتِمَاعِيَّة . فَهَا هُو لِسَانِه يَزَلْ مِنْ جَدِيدٍ فَيُسْتَعْمَل فِعْلًا ” اختر” يطيح بمستلزمات
سِيَادَتُه و لَكِنَّه سُرْعَانَ مَا يتدراك أَمَرَه بِاسْتِعْمَال صِيغَة أَمْر ” لِيَكُن ” تَهْوِي بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْأَوَّلِ
قَد اخْتَرْته … كَمَا رُسِمَت
هَذِه اللُّعْبَة ( الْعُدُول ) نَرَاهَا تتواصل ، و لَكِنَّ هَذِهِ الْمَرَّةِ مَع الْغُلَامِ الَّذِي أَعْتَقِدُ للحظات أَنَّه الْجِهَة
الَّتِي تمتلك قَرَار الِاخْتِيَار و لَكِنَّه سُرْعَانَ مَا عَدَلَ عَنْ هَذَا الْوَهْمِ ليكرس تَبَعِيَّتُه و يُدْعَم عَدَم
استقلاليته

أَنَّ هَذَا الْعُدُول الَّذِي يَتَلَبَّس الذَّات تَلَبُّسًا فِي بَاطِنِهَا و فِي مَنْطُوقُهَا مِنْ أَهَمِّ الوَسَائِلُ الَّتي تَبْعَث
عَلَى الْإِضْحَاك فِي بِدَايَةِ هَذِه الْمُقَامَة ، كَمَا أَنَّ هَذَا الْهَزْلَ لَا يَجِبُ أَنْ يُخْفِيَ عَنَّا ذَلِكَ النَّقْدُ الَّذِي
يُوَجِّهُه الْهَمَذَانِيّ لِهَذَا الْمُجْتَمَع الْعَرَبِيّ الْإِسْلَامِيّ الَّذِي سَيْطَرَ عَلَيْهِ التَّفَاوُت الطبقي ( مِمَّا أَصْبَح
يُهَدِّد وَحْدَه هَذَا المجتمع)

مُغامَرَة عِيسَى بْنُ هِشَامٍ فِي الْحَمَّامِ
لَمْ نَرَ : نَفْي جَزَم
قِوَامُه : صَاحِبِه
لَكِن : نَاسِخٌ حَرْفَي يُفِيد الِاسْتِدْرَاك
ثُمّ : الِاسْتِرْخَاء و التَّمَهُّل
دَكًّا – غَمْزًا – صَفِيرًا : مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ


مِنْ وَسَائِلِ الْإِضْحَاك فِي الْقِصَّةِ الْأُولَى :


الْإِضْحَاك عَنْ طَرِيقِ الْأَفْعَال : الْأَفْعَالِ الَّتِي قَامَ بِهَا الْعَامِلَان تَبْعَثُ عَلَى الْإِضْحَاك سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِهِ تَنْظِيف
الحِرِّيف ” عِيسَى بْنُ هِشَامٍ ” أَمْ فِي عراكهما بَعْدَ ذَلِكَ
الْإِضْحَاك عَنْ طَرِيقِ الْأَحْوَال : حَال عِيسَى بْنُ هِشَامٍ و هُوَ فِي قَبْضِهِ الْعَامِلِين قَبْل الشِّجَار و بَعْدَه
الْإِضْحَاك عَنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ : اسْتِعْمَال أَلْفَاظ مُضْحِكَة ( لُكَع = الْغَبِيّ )
الاِنْزِيَاح الْمَعْنَوِيّ : أَلْفَاظ لَهَا دَلَالَة إيجَابِيَّة (( حَيًّا – عَطْفٌ )) تُصْبِح ذَات دَلَالَة سَلْبِيَّة
الْأَقْوَال : طَبِيعَة الْحُجَج الَّتِي قَدَّمَهَا الْعَامِلَان لِإِثْبَات أحقيتهما برأاس الحِرِّيف
الْإِضْحَاك عَنْ طَرِيقِ الْمُفَارَقَةُ بَيْنَ الْمَقَامِ و الْمَقَال : تَبْدُو الْقَضِيَّة تَافِهَة لَا
تَسْتَحِقّ مَا حَدَثَ مِنْ عرااك و حَجَّاجٌ

فارتحت إلَيْه : فَاء النَّتِيجَة
اِرْتِيَاحٌ إلَى مُظْهِرٌ الْحَجَّام
الظَّاهِر يُوحِي بِأَنَّ هَذَا الْحَجَّامُ يَسْتَجِيب لِلشُّرُوط الْمَطْلُوبَة
فقال… فَقُلْت : نَمَط الْكِتَابَة : الحِوَار
أَطْرَاف الحِوَار : عِيسَى بْنُ هِشَامٍ الْحِلَاق
كَم الحِوَار : اسْتَأْثَر الْحِلَاق بِالْكُمّ الْأَكْبَرِ مِنْ الحِوَار ، كَمَا أَنَّهُ كَانَ مُبَادِرًا بِالْكَلَام
مَوْضُوعٌ الحِوَار : ( ثُنَائِيَّة الِاسْتِخْبَار و الْأَخْبَار )
التَّسَاؤُل عَنْ بَلَدِ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ

جَوَابُ هَذَا الْأَخِيرِ
بَيَان و هَذَيَانٌ فِي خِطَابِ الْحِلَاق :
الْهَذَيَان : خِطَاب الْحَجَّام غَيْر مُتَرابِط ، و هُوَ أَقْرَبُ إلَى التداعيات الذِّهْنِيَّةُ الَّتِي لَا رَابِطَ بَيْنَهَا و
هُوَ أَقْرَبُ إلَى الثَّرْثَرَة و الْكَلَامِ غَيْرُ الْمَفْهُومِ و غَيْر الْمُنْتِج :
خِطَاب جَمَعَ بَيْنَ سِجِلَّات قَوْلَيْه مُخْتَلِفَةٌ : دِينِيَّة و لُغَوِيَّةٌ و فَلْسَفِيَّةٌ
هَذَا التناقضبين هَذَا الْبَيَانِ وَ هَذا الْهَذَيَان مظهرمنمظاهرالإضحاك ، فَاللَّفْظ جَمِيل و التَّرْكِيب
أَنِيقٌ و لَكِنَّ الْمَعْنَى هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْهَذَيَان
يَنْتَهِي النَّصّ بِلَحْظَة التَّعَرُّف ، فَقَدْ كَانَ هَذَا الْحَجَّامُ هُو الْإِسْكَنْدَرِيّ


مَنْ هُوَ بَدِيعٌ الزَّمَان الْهَمَذَانِيّ ؟


أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْمَعْرُوف بِبَدِيع الزَّمَان الْهَمَذَانِيّ ، (358 هـ/969 م -398 هـ/1007
م) ، كَاتِب وأديب مَنْ أَسَرَهُ عَرَبِيَّة ذَات مَكَانَه عِلْمِيَّة مَرْمُوقَة اِسْتَوْطَنْت هَمْدَان وَبِهَا وَلَد بَدِيعٌ الزَّمَان فَنُسِبَ إلَيْهَا ، وَقَد
كَان يَفْتَخِرُ بِأَصْلِهِ الْعَرَبِيّ إِذْ كَتَبَ فِي أَحَدِ رَسَائِلِه إلَى أَبِي الْفَضْلِ الْإسْفَرايِينِي : « أَنِّي عَبْدُ الشَّيْخ ، وَاسْمِي أَحْمَد ، وهمدانن الْمَوْلِد وَتَغْلِب الْمَوْرِد ، وَمُضَر الْمَحْتِد » . وَقَدْ تَمَكَّنَ بَدِيعٌ الزَّمَان بِفَضْل أَصْلِه الْعَرَبِيّ وموطنه الْفَارِسِيّ مِن امْتِلَاك
الثقافتين الْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ وتضلعه فِي آدَابِهِمَا فَكَان لغوياً وأديبًا وشاعراً وَتُوُفِّيَ عَامَ 395 هـ ، انْتَقَل بَدِيعٌ الزَّمَانِ إلَى
أَصْفَهَان فَانْضَمَّ إِلَى حَلَبَة شُعَرَاء الصَّاحِب بْنُ عَبَّادٍ ، ثُمّ يُمِّم وَجْهَه شَطْر جُرْجَان فَأَقَامَ فِي كَنَفِ أَبِي سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ
مَنْصُور وَخَالَط أَسَرَهُ مِنْ أَعْيَانِ جُرْجَان (تعرف بالإسماعيلية) فَأَخَذَ مِنْ عَلِمَهَا الشَّيْءَ الكَثِيرَ ثُمَّ مَا فَتِي أَن نَشِب خِلَاف
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْإِسْمَاعِيلِيّ فغادر جُرْجَان إلَى نَيْسَابُورَ ، وَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةً (382هجرية/ 992ميلادية) وَاشْتَدَّت رَغْبَتُه
فِي الِاتِّصَالِ باللغوي الْكَبِير والأديب الذَّائِع الصِّيت أَبِي بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيِّ ، وَلَبَّى هَذَا الْخُوَارِزْمِيّ طَلَب بَدِيعٌ الزَّمَان والتقيا ،
فَلَمْ يَحْسُنْ الْأَوَّل اسْتِقْبَال الثَّانِي وَحَصَلَت بَيْنَهُمَا قَطِيعَة وَنَمَت بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَاسْتَغَلّ هَذَا الْوَضْعِ بَعْضُ النَّاسِ وهيؤوا
للأديبين مُنَاظَرَة كَان الْفَوْز فِيهَا لبديع الزَّمَان بِفَضْل سُرْعَة خاطرته ، وَقُوَّة بَدِيهَتِه . فَزَادَت هَذِهِ الْحَادِثَةِ مِنْ ذُيُوع صَيِّتٌ
بَدِيعٌ الزَّمَان عِنْدَ الْمُلُوكِ وَالرُّؤَسَاء وَفُتِحَت لَه مَجَالٌ الِاتِّصَال بالعديد مِنْ أَعْيَانِ الْمَدِينَةِ ، وَالْتَفّ حَوْلَه الْكَثِيرِ مِنْ طُلَّابِ
الْعِلْم ، فَأَمْلَى عَلَيْهِم بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ مَقَامَه (لم يَبْقَ مِنْهَا سِوَى اثْنَتَان وَخَمْسُون

لَم تطل’” إقَامَة بَدِيعٌ الزمان”‘ بِنَيْسَابُور وغادرها مُتَوَجِّهًا نَحْوَ سِجِسْتَان فَأَكْرِمْه أَمِيرُهَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ أَيُّمَا إكْرَام ، لِأَنَّه
كَان مُولَعًا بالأدباء وَالشُّعَرَاء . وَأَهْدَى إلَيْهِ “‘بديع الزمان”‘ مَقَامَاتِه إلَّا أَنْ الوِئَام بَيْنَهُمَا لَمْ يَدُمْ طَوِيلًا ، فَقَد تَلْقَى “‘بديع
الزمان”‘ يَوْمًا مِنْ الْأَمِيرِ رِسَالَة شَدِيدَة اللَّهْجَة أَثَارَت غَضَبُه ، فغادر سِجِسْتَان صَوْب غَزْنَة حَيْث عَاشَ فِي كَنَفِ السُّلْطَان
مَحْمُودٌ الْغَزْنَوِيّ معززا مكرماً ، وَكَانَتْ بَيْنَ أَبِي الْعَبَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ الأسفرائي وَزِير السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ عِدَّة مراسلات
وَفِي آخَرَ الْمَطَافِ حَطّ رِحَالِه بَدِيعٌ الزَّمَان بِمَدِينَة هرات فَاِتَّخَذَهَا دَار إقَامَة وصاهر أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الخشنامي
أَحَدٌ أَعْيَان هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَسَادَتِهَا فتحسنت أَحْوَالِه بِفَضْل هَذِه الْمُصَاهَرَة ، وبمدينة هرات لَفَظَ أَنْفاسَهُ الأَخِيرَةَ.

وَمَاتَ فِي 11 جُمَادَى الْآخِرَةِ 398 هـ ، وَقَدْ أَخَذْته سَكْتَةٌ ، فَدُفِن سَرِيعًا ، وَسَمِعُوا صُراخَه فِي الْقَبْرِ فنبشوه ، فَوَجَدُوهُ مَيِّتًا
وَقَدْ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ مِنْ هَوْلِ الْقَبْر

مَآثِرِه
مَجْمُوعِه رَسَائِل
دِيوَانَ شِعْرٍ
مَقَامَات (وهي أَبْرَزَ مَا خَلَّفَهُ بَدِيعٌ الزمان) طبقت شُهْرَتِهَا الْآفَاق ، وَقَدْ كَانَتْ وَمَا زَالَتْ مَنَارَة يَهْتَدِي بِهَا مِنْ يُرِيدُ التَّأْلِيف فِي
هَذَا الْفَنِّ ، فيمتع النَّاس بِالْقَصَص الطريفة والفُكَاهَة الْبَارِعَة ، ويزود طُلَّابِ الْعِلْمِ بِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ الدُّرَرِ الثَّمِينَة فِي مَيْدَانِ
سِحْرٌ الْأُسْلُوب ، وغرابة اللَّفْظ وسمو الْمَعْنَى .


الْمَقَامَات


يُعْتَبَر كِتَاب الْمَقَامَات أَشْهُر مُؤَلَّفَات بَدِيعٌ الزَّمَان الْهَمَذَانِيّ الَّذِي لَهُ الْفَضْلُ فِي وَضْعِ أُسُسَ هَذَا الْفَنِّ وَفَتْح بَابِه واسعاً
ليلجه أُدَبَاء كَثِيرُون أَتَوْا بَعْدَهُ وَأَشْهَرَهُم أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ الْحَرِيرِيِّ وناصيف اليازجي. شرح نص من المقامة الحلوانية

وَالْمَقَامَات مَجْمُوعِه حِكَايَاتٌ قَصِيرَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ الْحَجْم جَمَعَتْ بَيْنَ النَّثْر وَالشَّعْر بطلها رَجُلٌ وَهْمِيٌّ يُدْعَى أَبُو الْفَتْحِ
الْإِسْكَنْدَرِيّ وَعَرَف بِخِدَاعِه ومغامراته وَفَصَاحَتِه وَقُدْرَتِهِ عَلَى قَرْض الشَّعْر وَحُسْن تَخَلُّصِهِ مِنْ المآزق إلَى جَانِبِ أَنَّه
شَخْصِيَّةٌ فكاهية نَشْطَة تُنْتَزَع البسمة مِن الشِّفَاه والضحكة مِنَ الأعْمَاقِ . وَيَرْوِي مُغامَرَات هَذِه الشَّخْصِيَّة الَّتِي تُثِيرُ
الْعُجْب وَتَبِعْت الْإِعْجَاب رَجُلٌ وَهْمِيٌّ يُدْعَى عِيسَى بْنُ هِشَامٍ

و لِهَذَا الْمُؤَلِّف فَضْل كَبِيرٌ فِي ذُيُوع صَيِّتٌ ‘ بَدِيعٌ الزَّمَان الْهَمَذَانِيّ لِمَا احتواه مِنْ مَعْلُومَاتِ جَمَّة تُفِيدُ جَمِيعَ الْقُرَّاءُ مِنْ
مُخْتَلَفٌ الْمَشَارِب والمآرب إذْ وَضْعُهُ لِغَايَة تَعْلِيمِه فَكَثُرَت فِيه أسَالِيب الْبَيَان وَبَدِيع الْأَلْفَاظ وَالْعُرُوض ، وَأَرَاد التَّقَرُّبِ بِهِ
مِنْ الْأَمِيرِ خَلْفَ بْنُ أَحْمَدَ فَضَمَّنَه مديحاً يَتَجَلَّى خَاصَّة فيالمقامة الحمدانية وَالْمُقَامَة الْخَمْرِيَّة فَنَوْعٌ وَلَوْن مستعملاً
الْأُسْلُوب السَّهْل ، وَاللَّفْظ الرَّقِيق ، وَالسَّجْع الْقَصِير دُون أَدْنَى عَنَاء أَوْ كَلَّفَهُ

و تَنْطَوِي الْمَقَامَات عَلَى ضُرُوبٍ مِن الثَّقَافَة إذ نَجِد بَدِيعٌ الزمان’‘ يَسْرُد عَلَيْنَا أخباراً عَن الشُّعَرَاءُ فِي مقامته الغيلانية’‘ و’‘
مقامته الْبَشَرِيَّة ويزودنا بِمَعْلُومَات ذَات صِلَة بِتَارِيخ الْأَدَب وَالنَّقْد الأَدَبِيّ فِي مقامته الجاحِظِيَّة والقريضية والإبليسية ،
كَمَا يُقَدَّمُ فيالمقامة الرستانية وَهُو السُّنِّيّ الْمَذْهَب ، حجاجاً فِي الْمَذَاهِبِ الدِّينِيَّةِ فيسفه عَقَائِد الْمُعْتَزِلَة وَيُرَدّ عَلَيْهَا بِشِدَّة
وَقَسْوَة ، وَيَسْتَشْهِد أَثْنَاء تنقلاته هَذِهِ بَيْنَ رُبُوع الثَّقَافَة بِالْقُرْآن الْكَرِيم وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ ، وَقَد عَمَدَ إِلَى اقْتِبَاسِ مِنْ الشَّعْرِ
الْقَدِيم وَالْأَمْثَال الْقَدِيمَة والمبتكرة فَكَانَت مَقَامَاتِه مَجْلِس أَدَب وَأَنَس وَمَتَّعَه وَقَدْ كَانَ يُلْقِيهَا فِي نِهَايَةِ جلساته كَأَنَّهَا مِلْحَه
مِنْ مِلْحٍ الْوَدَاع الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ أَبِي حَيَّانَ التَّوْحِيدِيُّ فِي “الامتناع والمؤانسة” ، فَرَاعَى فِيهَا بِسَاطِه الْمَوْضُوع ، وَأَنَاقَةٌ الْأُسْلُوب ، وزودها بِكُلِّ مَا يُجْعَلُ مِنْهَا :

وَسِيلَةٌ لِلتَّمَرُّنِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَالْوُقُوفِ عَلَى مَذَاهِبَ النَّثْر وَالنَّظْم . شرح نص من المقامة الحلوانية
رَصِيد لثروة معجمية هَائِلَة
مستودعاً لِلْحُكْم والتجارب عَنْ طَرِيقِ الفكاهة
وَثِيقَة تَارِيخِيَّةٌ تَصَوُّر جزءاً مِنْ حَيَاةِ عَصْرِه وَإِجْلَال رِجَالٌ زَمَانِه .
كَمَا أَنَّ مَقَامَات الْهَمَذَانِيّ تُعْتَبَر نَوْء ة الْمَسْرَحِيَّة الْعَرَبِيَّة الفكاهية ، وَقَد خَلَد فِيهَا أوصافاً لِلطِّبَاع الْإِنْسَانِيَّة فَكَان بِحَقّ
واصفاً بارعاً لَا تَفُوتُهُ كَبِيرَةً وَلَا صَغِيرَةَ ، وَإِن الْمَقَامَات هَذِه لَتَحُفُّه أَدَبِيَّةٌ رَائِعَة بأسلوبها وَمَضْمُونُهَا وملحها الطريفة الَّتِي
تَبْعَثُ عَلَى الِابْتِسَام وَالْمَرَح ، وَتَدْعُو إِلَى الصِّدْقِ وَالشَّهَامَة وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي أَرَادَ بَدِيعٌ الزَّمَان إظْهَار قِيمَتُهَا بِوَصْفِ مَا يناقضها ، وَقَدْ وَفَّقَ فِي ذَلِكَ أَيُّمَا تَوْفِيقٌ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى