موضوع حول الشعر الوطني عند أبو القاسم الشابي
فرض منجز في العربية حول الشعر الوطني 1 ثانوي
موضوع مقال حول الشعر الوطني عند أبو القاسم الشابي للسنة الأولى ثانوي. موضوع مع التفكيك والتحرير.
الموضوع الأول:
بقدر ما عبر الشابي عن يأسه من الواقع الذي يحكم وطنه في الحاضر فإنه رسم صور آملة للوطن المنشود في المستقبل. توسع في تحليل هذا الرأي ودعمه بشواهد من شعر الشابي.
أولا الفهم والتفكيك
1- الفهم – المعطى
صيغته تقريرية تقوم على فكرتين متساويتين في القيمة (بقدر. فإنه..) متقابلتين في المضمون
مجاله صورة الوطن في شعر الشابي بين الموجود و المنشود أو العلاقة بين الموضوعي والذاتي
في الشعر الوطني
المطلوب : موضوع: حجاجي تحليلي يتطلب تحليلا و تأليقا
2- التفكيك – عناصر المعطى : – الياس من الصورة الراهنة للوطن – الأمل في وطن منشود
ثانيا التحرير.
1 – المقدمة :
تعتبر الوطنية من المشاعر المقدسة عند كل إنسان و يزداد هذا الشعور توهجا كلما كان الوطن محتلاً أو يمر بظروف صعبة و لعل هذه الأسباب هي التي تدفع الشاعر الوطني للتعبير عن موقفه مما يعاني منه وطنه ويقدم تصوره لما يمكن أن تكون صورته التي يحلم بها الشاعر الفنان .وفي هذا الصدد يرى أحد النقاد أن الشعر الوطني عند الشابي يعبر عن اليأس من الواقع الراهن لوطنه و يرسم صورة للوطن المنشود . فكيف عبر الشابي عن يأسه من الصورة الراهنة للوطن حاضرا؟
و ما هي ملامح الصورة التي يرسمها للوطن المنشود مستقبلا؟
3- الجوهر
العنصر الأول: اليأس من الصورة الراهنة للوطن:
يعد الشابي من الشعراء الذين يصدرون عن وجدان صادق و شعور مرهف ، غير أنه لم يبق متحصنا في برجه العاجي بل إنّه اقترب من واقعه متألما ومتاملا فاستقرا وضع وطنه ليقف على ما وصلت إليه الأوضاع من رداءة. فكيف تبدو الصورة الموجودة للوطن؟
لم يكن من السهل على الشابي أن يقبل الوضع المزري لوطنه الذي كان يرزح تحت نير الاستعمار يقبع في غياهب التخلف والجهل فاعتبر أن الشاعر الوطني هو الذي يترفع عن الآلام الذاتية و يلتزم بقضية وطنه فيتألم لحالته و يبكي لما حل به جزاء الاستعمار و قد عبر عن ذلك موظفا الأسلوب الخبري التقريري القائم على ثنائية النفي و الإثبات مسترفدا معجم الطلل لينفي عن نفسه
صورة الشاعر التقليدي وذلك في قوله:
لست أبكي لصف ليل طويل غدا العفاء مراحه
إنما عبرتي لخطب ثقيل قد عرانا و لم نجد من أزاحه
إن المتأمل في شعر الشابي يلاحظ بيسر أنه سعى للكشف عن ذلك الطوق الخانق الذي ضرب حول الوطنيين الأحرار وفضح ما كان يأتيه المستعمر من مظاهر القسوة تجاههم . و لا يخفى علينا ما يخلقه هذا الوضع من شعور باليأس عند الشاعر والعجز عن أداء دوره باعتباره مثقفا لا يرضى بالواقع الموجود فيقول متضجرا منزعجا
كلما قام في البلاد خطيب يوقظ شعبه يريد صلاحه
البسوا روحه قميص اضطهاد * أماتوا صداحه و نواحه
.
وكثيرا ما عبر الشابي عن حسرته لما آل إليه حال المثقف الملتزم في ظل الاستعمار ويعتبر أن هذا الأمر ضريبة يتحملها كل منقف ملتزم . فالمخلصون” بقدر ما يألمون لواقع وطنهم فهم يتألمون كذلك من خضوعهم لهيمنة الاستعمار و سوء معاملته لهم يقول الشابي في خطاب تقريري لا يخلو من شعور بالقهر
هكذا المخلصون في كل صوب
رشقات الردى إليهم متاحة
و يزداد ألم الشاعر و يأسه من واقع وطنه عندما يصوّر مأساة شعبه الواقع تحت الهيمنة والمعرض لشتى أنواع المعاملة السيئة و القسوة فيرسم. هذا الوضع بنبرة حزينة تعبر عن شدة استنكاره فيقول
مخاطبا المستعمر جلاد الشعب : سخرت بانات شعب ضعيف و كفك مخضوبة من دماه
وقد يتحول هذا اليأس إلى نوع من الإحباط والشعور بالعجز و رفض لكل تفاعل مع الواقع المزري لأن الشاعر يبدو غير قادر على تغييره فيترجم عن ذلك باستفهام إنكاري يعبر عن غضبه الشديد تجاه أبناء شعبه و رفضه لضعفهم وسباتهم ، فيقول مؤلبا و مقرعا:
فما لك ترضى بذل القيود * و تحني لمن كبلوك الجباه ؟
هكذا رسم الشاعر الصورة الحاضرة لوطنه مراوحا بين الخبر و الإنشاء وقد طغت على خطابه نبرة متشائمة كشفت عن درجة اليأس التي خلفها هذا الوضع في نفسه. لكن مهمة الشاعر الوطني لا تقف
عند هذا الحد فهو يحمل رؤية استشرافية يسعى من خلالها إلى تغيير هذا الوضع من خلال رسم
صورة منشودة لوطنه فما هي ملامح تلك الصورة؟
العنصر الثاني الصورة المأمولة للوطن المنشود
تعد الرؤيا من المفاهيم الرومنطقية الأساسية في شعر الشابي وعلى ضوء ذلك فإنه يعتبر نفسه صاحب نبوة شعرية تمكنه من استشراف الصورة المنشودة لوطنه ويعتبر أن الشاعر الوطني يريد أن يكون طرف ضروري لإصلاح أوضاع الوطن ومن هذا المنطلق بدا تطلعا إلى تغيير هذه الأوضاع و أملا في انزياح كابوس التخلف والاستعمار حتى تعود للوطن أمجاده و للشعب حريته ، فيقول في لهجة استشرافية متفائلة موظفا المعجم الطبيعي توظيفا رمزيًا يغدو فيه الظلام رمزا للحاضر و الصبح رمزا للمستقبل: ضيع الدهر مجد شعبي غير أني من وراء الظلام شمت صباحه
تلك هي نبوءة الشاعر الفنان والمثقف الملتزم فهو يرى ما لا يراه غيره من الناس فيحفز الهمم و يرغب في حياة الحرية ويأمل أن يسود السلام كل أرجاء الكون وذلك هو الأصل الذي خلق عليه الإنسان.
ولذلك يلوذ الشاعر بالمعجم الطبيعي ليماثل بين كل الكائنات في حق الاستمتاع بالحرية فيتوجه إلى أبناء شعبه قائلا: خُلقت طليقا كطيف النسيم * و حرا كنور الضحى في سماه
إن الأمل في المستقبل عند الشابي ليس مجرد شعور رومانسي حالم بقدر هو قضية يدافع عنها و يفحم بها خصومه من رموز الشر و أعداء الحرية لذلك يتوجه إلى المستعمر بكل ما يمنحه له الأسلوب الخبري من ثقة ر ما تنشره حروف الصغير من جرس لينذره بقرب نهايته و بداية عهد الحرية، فيقول :
سيجرفك السيل سيل الدماء و يأكلك العاصف المشتعل
و يتحول هذا الخطاب الحجاجي المندفع إلى قوة توجيهية تتحدى كل القيود و تعتبر أن إرادة الشعوب الأجدر بالتحقق فيوظف أسلوب الشرط وصيغ الإلزام توظيفا حماسبًا ليذلل من خلالها للحياة هي المصاعب و العقبات التي تحول دون بلوغ الوطن المنشود ، فيقول الشابي
إذا الشعب يوما أراد الحياة
و لا بد لليل أن ينجلي
*
فلا بدأن يستجيب القدر
و لا بد للقيد أن ينكسر
و لا يخفي الشابي رغبته الجامحة في تحقق هذه الصورة المنشودة للوطن فيرسمه في صورة جنة خالدة لا يطيب العيش دونها. ويعتبر أن هذا الوطن هو هبة ربانية تنور بها حياتهم وتجعلهم أقرب ما يكون إلى عالم المثل والقيم السامية بعيدا عن كل مظاهر الظلم والشر، فينشد بايقاع مؤثر مرغبا إلى النور فالنور ضل ومحفزا إلى النور فالنور عذب جميل ولا يكتفي الشابي برسم هذه الصورة يصفة مجملة فيفصل أحيانا هذه صورة المنشودة في لوحة شعرية
يرسم فيها كل التفاصيل مستخدما المعجم الطبيعي المفعم بضروب الجمال التي تثير مختلف الحواس
و تجعلها في منتهى السعادة، فيقول: وإلا أريج الزهور الصباح ” ورقص الأشعة بين المياه وإلا حمام المروج الأنيق ” يغرد منطلقا في غناه
وفضلا عن أهمية هذه الصورة لكل أبناء الوطن فقد اتخذ الأمل في المستقبل بعدا ذاتيًا عبر عنه
الشابي من خلال استعداده للمواجهة واستنفاره للقوى الكامنة في أعماقه من أجل تغيير صورة الوطن
، و قد استلهم هذه الصورة من الطبيعة الغاضبة و رشحها بالأصوات الشديدة والتضعيف وذلك في
قوله : فعخت بصدري دماء الشباب و ضجت بنفسي رياح آخر
و أطرقت أصغي لقصف الرعود * و عزف الرياح ووقع المطر
فالوطنية في شعر الشابي هي رؤيا متفائلة للمستقبل تهوّن الصعاب و تشحذ العزائم و تنشر النور في
القلوب المستضعفة ، و منها يستمد الشعب المقهور طاقة لمواجهة كل أشكال القيود و يعقد العزم على
الخلاص من حياة الاستعباد و بناه و طن السلام
بالألم والأمل إذن تتكامل مظاهر الوطنية في شعر الشابي فيجمع خطابه بذلك بين الوظيفة التعبيرية
والوظيفة التأثيرية فيؤكد الشابي بذلك على أن الشاعر الوطني هو القدوة في التعبير عن الالتزام بقضية
الوطن وهو الجذوة التي تتغذى منها أحلام الشعوب في الخلاص من كل مظاهر القهر و بناء الوطن
المنشود.
خاتمة :
تنوعت طرق الشاعر في التفاعل مع وطنه وقد تراوحت بين رفض الوضع الموجود و الأمل في وضع منشود يحدوه في ذلك شعوره الوطني و نبوته الشعرية رغم ما أبداه الشابي من تفاعل . مع القضية الوطنية لكن خطابه لم يرتق إلى الصورة المنتظرة للمثقف زمن الاستعمار. فهل بلغ خطاب الشابي درجة التأثير المطلوبة في الشعر الوطني ؟
الموضوع الثاني
محور الشعر الوطني في قصائد الشابي * التدريب الثاني في تصميم التحرير
الموضوع :
تتجلى الوطنية في شعر الشابي في الصورة القاتمة التي رسمها للمستعمر الظالم وللشعب الخاضع وذلك دفاعا عن وطنه و إيمانا منه كذلك ببعض القيم الإنسانية الخالدة . حلل هذا القول بالاعتماد على ما درست من شعر الشابي,
أولا الفهم والتفكيك
الفهم
المعطى: صيغته تقريرية
المعط
ى معه: تقريرية تقوم على علاقة غائيّة ) وسيلة و غاية
على مستوى المعجم الوطنية باعتبارها تصوّرا فنيا و مقاصد متنوعة
– صورة قاتمة: فنيّات القول (معاجم – صور بلاغية – …)
– مجاله : يهتم الموضوع بمظاهر الوطنية في شعر الشابي ومقاصدها.
توظيف و ظاهر الوطنية في شعر الشابي و مقاصدها,
المطلوب موضوع حجاجي تحليلي يتطلب التحليل و التأليف
– عناصر المعطى: – 1- استنكار الشابي لظلم المستعمر و لخضوع الشعب
2- الغاية من ذلك أن يثبت حبه لوطنها قداس القيم السامية.
ثانيا تصميم التحرير
1: المقدمة
تمهيد (تعريف)
لئن اختلف بعض النقاد في تعريف الشعر الوطني إلا أنّهم اتفقوا على انه شعر ملتزم يحمل رسالة إلى أبناء الوطن وإلى الإنسانية جمعاء.
طرح الإشكاليات:
كيف عبّر الشابي عن استنكاره لصورة المستعمر الظالم ولصورة الشعب الخاضع؟ وماهي القيم التي سعى الى الدفاع عنها على مستوى الوطني والانساني؟
2 الجوهر
القسم الأوّل : مظاهر الوطنية – أ : الصورة القائمة للمستعمر الظالم
– تمهيد بالإجمال: لقد كانت ثورة الشابي عارمة على كل الاطراف التي تسببت في ضياع الوطن وفي انحسار القيم السامية عنه فشنّع بالمستعمر ولكنّه لام الشعب كذلك. فكيف بدت صورة المستعمر في شعر الشابي ؟ * التوسع بالبرهنة والاستدلال
– تتنوع مظاهر القتامة في صورة المستعمر لكنّها لا تخرج عن إطار واحد وهو الظلم البطش
استنكر الشابي إفراط المستعمر في الاستبداد والظلم ففضح كلّ الأقنعة التى يستر بها بشاعته معتمدا
على المقابلة ليكشف عن صفاته اللاإنسانية مستعينا ببلاغة النداء:
ألا أيها الظالم المستبد * حبيب الظلام عدو الحياة
– عدد الشابي بعض أفعاله الإجرامية تجاه الشعب ليرسم جانبا آخر من صورته القاتمة. فكل أفعاله تقوم على البطش واستعراض القوة على حساب شعب ضعيف أعزل وقد وظف في ذلك الأسلوب الخبري ليرسم المستعمر في هيئة كائن متوحش وقد تلطخت يديه بدماء الشعب، وقد عمق الشاعر درجة البشاعة في هذه الصورة عندما عدل بالخضاب من الدلالة على الخير و الفرح إلى الدلالة على الشر والحزن
– سخرت بأنّات شعب ضعيف * وكفك مخضوبة من دماه
– أزاح الشابي القناع عن وجه المستعمر الذي يتستر بصفة التحضر والرسالة التبشيرية والغايات النبيلة فأظهر وجهه المتوحش وسياسته الدموية ورسمه في صورة مصاص الدماء” الذي يعيش على الرمزية للمعجم طبيعي ليصوّر به “زراعة الموت”
حساب غيره، مستعينا بالطاقة الورى وزهور الأمل
تأمل هنالك أنّى حصدت رؤوس الورى وزهور الأمل
ورويت بالدم قلب التراب وأشربته الدمع حتى ثمل
التأليف الجزئي: تلك إذا هي الصورة القيقة للمستعمر بطش وعنف وقهر . لذلك لم يتوان الشاعر عن فضحه بشتى الوسائل الفنية. * التخلص لكن المستعمر ما كان لينجح في سياسته ويبسط هيمنته لو لم يجد جوا ملائما يساعده على ذلك ، فقد كان الشعب على درجة من الجهل جعلته خاضعا خانعا.
فكيف رسم الشابي صورة هذا الشعب الخاضع؟
ب الصورة القاتمة للشعب الخاضع
* تمهيد: لاحظ الشابي أن درجة الوعي بين أفراد الشعب لم تكن كافية لصدّ ظاهرة الاستعمار أو فهمها
على حقيقتها فاستنكر هذا الخضوع و جسد موقفه في الصورة التي رسمها عن الشعب.
يبدي الشابي امتعاضه من بعض المعتقدات الخاطئة التي راجت بين أفراد شعبه لأنّها
دفعتهم إلى الرضا بالمذلة والهوان والاستسلام للمستعمر معتبرين أنّ ذلك قضاء و قدرا. فيعبر عن رفضه لهذا الوضع و يرسم الشعب الخاضع في هيئة جذوع يجب اقتلاعها وذلك في قوله:
أيها الشعب ليتني كنت حطابا فأهوي على الجذوع بفاسي
. وقد يبلغ الأمر بالشاعر حد الغضب واليأس من إمكانية تغيير هذه الطباع السيئة فيقول:
لا أعني نفسي بأحزان شعبي فهو حي يعيش عيشة الجماد
– ويعلل الشابي موقفه من شعبه بما لاحظه فيه من خنوع وضعف إرادة واستهانة بالحياة فيعرفه في
لهجة تشاؤمية حادة قوامها الأسلوب الخبري قائلا.
فهو من معدن السخافة والإفك و من ذلك الهواء العادي
– يوظف الشابي أسلوب الشرط ليلمح إلى شعبه أنّ الخضوع و الاستسلام لا يغيران الأوضاع وأن الطموح مفتاح النجاح وقد جسد هذه المعاني في صورة الريح الثائرة
إذا ما طمحت إلى غاية ركبت المنى ونسيت الحذر
ولم أتجنّب وعور الشعاب * ولا كبة اللهب المستعر
التأليف الجزئي: هكذا إذا كانت حالة الشعب بين خوف مطبق وخضوع كامل مسلوب الإرادة لذلك
كان استنكار الشابي لهذا الوضع لا يقل أهمية عن استنكاره لظلم المستعمر.
التخلص: ولكن هذه النزعة التشاؤمية وتلك المبالغة في الاستنكار لم يوظفهما الشابي لمجرد الرفض
أو التعالي على الموجود. فرؤيته كانت أعمق من ذلك لأنّه ملتزم بقضية وطنه وبالمبادئ الإنسانية
الخالدة. فكيف سعى الشابي إلى الدفاع عن وطنه؟
القسم الثاني
المقاصد
أ: الدفاع عن الوطن * تمهيد: بعد أن أبرز الشابي مواطن الضعف وأنكرها سعى إلى إثبات حبّه
لوطنه وولائه له.
التوسع – تحمس الشابي للدفاع عن وطنه وقد عبر عن هذا الحماس بالإيقاع الصاخب بالحروف المجهورة و الترديد و بمعجم دال على القوة والصمود مستلهم من جال الطبيعة الغاضبة:
فعجت بقلبي دماء الشباب * وضجت بصدري رياح أخر
وأطرقت أصغي لقصف الرعود وعزف الرياح ووقع المطر
. كثيرا ما حوّل الشابي هذا الحماس إلى خطاب مباشر يوجهه إلى المستعمر معتمدا على ما في
أسلوب الأمر من طاقة توجيهية وما في رمزية المعجم الطبيعي من قدرة على الإيحاء فيقول مرهبا
متوعدا
حذار فتحت الرماد اللهيب ومن يبذر الشوك يجني الجراح
رويدك لا يخدعتك الربيع وصحو الفضاء وضوء الصباح
– وإما أن يوجه هذا الخطاب إلى شعبه فيصبح خطابا قائما على الترغيب والوعود المتفائلة فيصوّر له
حياة الحرية باعتبارها جنّة منشودة تتطلب التّضحية والمجاهدة من أجل بلوغها مراوحا بين الأسلوب
الإنشائي بالأمر وأسلوب الشرط في سياق الحكمة طلبا للوظيفة التأثيرية القائمة على العرض
والتحضيض. ومثال ذلك قوله :
ألا انهض وسز في سبيل الحياة * فمن نام لم تنتظره الحياة
– يعمّق الشابي هذا الخطاب التأثيري باعتماد الإيقاع الداخلي بالترديد ونشر جرس الغنّة في خطابه كما
في قوله :
إلى النور فالنور عذب جميل إلى النور فالنور ظل الإله
– وبعيدا عن هذا الخطاب الحماسي الصاخب عبر الشابي كذلك عن حبه لوطنه بأسلوب وجداني
مستعيرا من المعجم الغزلي رقته و من المحبّب الوفي إخلاصه فيقول:
أنا يا تونس الجميلة في لجــــــــــــــــــــــــــج الهوى قد سبحت أي سباحة
شرعتي حبك العميق وإنّي قد تذوقت مره وقراحه
التأليف الجزئي : وبذلك دافع الشابي عن وطنه مراوح بين الجهر والهمس وبين الحماس المفرط
والمشاعر الرقيقة. * التخلص لكن نظرة الشابي كانت أكثر عمقا وشمولية لأنه أراد أن ينطلق من
قضية وطنه خاصة لينفتح على الإنسانية جمعاء وذلك من خلال إشادته ببعض القيم السامية. فما هي
أهم هذه القيم؟
ب الإشادة ببعض القيم الإنسانية
تمهيد: إنّ الظلم والاستبداد والخضوع قيم لا يأباها الشعب التونسي فحسب بل الإنسانية جمعاء.
التوسع – ارتقى خطاب الشابي إلى بعد إنساني فتشيع الحكمة في شعره ، وهي بما تقوم عليه من إطلاق وتعميم وعاء مناسب لصياغة القيم الإنسانية الخالدة و إكسابها بعدا رمزيًا. – وقد تغنّى في قصائده الشابي بالعديد من هذه القيم ومن أهمها :
الحرية: أبرز الشابي أهمية الحرية باعتبارها حقا طبيعيًا لكل الكائنات وخاصة منها الإنسان فجعل
الخطاب مبنيا إلى المجهول معتبرا أن الحرية عنصر روحي شفّاف يهب الحياة قيمتها مثلما بـ
يهب النور للحياة قيمتها : خُلِقت طليقا كطيف النسيم وحرا كنور الضحى
– إرادة الحياة: وهي كذلك مبدأ مهم يبرّر سعي الإنسان إلى الحرية ورفض الظلم. فالتعلق بالحياة هو
الأساس الذي يضمن لكل إنسان حقه في حياة حرّة وقد اختار الشابي تركيب الشرط الذي يفيد الإمكان
للترغيب في هذه القيمة : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
. الطموح إلى المعالي تعتبر هذه القيمة بمثابة المحرّك الذي يدفع إرادة الحياة ويجعلها تتوق باستمرار
إلى ما هو أسمى فصاغها الشابي في قالب حكمة باعتماد أسلوب الشرط الذي يفيد الإطلاق و التعميم
فينفتح صوت الشابي على الإنسانية جمعاء : ومن لا يحب صعود الجبال * يعش أبد الدهر بين الحفر
– التأليف الجزئي: نجح الشابي إذن في التحليق عاليا في الأفق الإنساني الرحب، فحوّل دفاعه عن
شعبه إلى دفاع عن الإنسان المظلوم عامة ..
*
* التأليف الكلي: – بقدر ما كان الشابي متشائما في وصفه لواقع وطنه، فإنّه تفاءل بمستقبل مشرق له
معتبرا أنّ الدفاع عن الوطن ليس مجرد شعارات بل هو التزام حقيقي فكانت رؤيته للأمور ثاقبة
وتوقه إلى الكونية لا حد له. – تتكامل في قصائده الوطنية كل الوظائف المطلوبة في مثل هذا الغرض
الشعري لتتحوّل من قصائد عصر إلى أناشيد دهر.
3-خاتمة –
التذكير باهم الاستنتاجات نجح الشابي في الكشف عن الصورة الحقيقية للمستعمر
وأطلع الشعب على حقيقة وضعه المزري. لكنّه لم يتهرب من مسؤوليته تجاه وطنه بل دافع عنه
واعتبر أن قضيته هي قضية الإنسان عامة في كفاحه ضدّ الاستبداد صونا لحريته وإثباتا لإرادته.
* حكم : قد يكون الشابي بالغ في الاعتماد على الرمزية بما قد يعطل تحقيق الوظيفة التأثيرية.
فتح الآفاق فهل أنّ تأثر الشابي الواضح بالتيار الرومنطيقي قلل من الوظيفة التأثيرية لشعره
الوطني أم أنّ هذا الشعر جمع بين جمال العبارة ونبل المقصد؟