البكالورياالفلسفة بكالوريا

الإنساني بين الوحدة والكثرة – بكالوريا شعب علمية

الإنساني بين الوحدة والكثرة الرباعة ثانوي
الإنساني بين الوحدة والكثرة – بكالوريا شعب علمية

الإنساني بين الوحدة والكثرة شعب علمية ملخّصات دروس برنامج الفلسفة بكالوريا شعب علمية .
اذا كان سؤال ما هو الانساني يتصل بالماهية الانسانية فهل تعد تلك الماهية واحدة متعالية لا تحتاج الى الغير أو الآخر أم أنها متكثرة محايثة للأجساد والعوالم والثقافات ؟
نقل ثنائية الوحدة والكثرة أو الهوية والغيرية من جذورها الأنطولوجية إلى مجال النظر في الكينونة الانسانية داخل العالم من جهة وعلاقة ‏ الإنسان بالآخرين وبالتاريخ من جهة أخرى؛ من شأنه ان يغير الأفق الإشكالي كأن نتساءل هل الانساني معطى ثابت ام صيرورة تتحقق في التاريخ ؟

هاهنا لا
ينفصل الإنساني عن هذا الأفق العلائقي الإنساني والتاريخي ؛ وهكذا تبرز على سطح المعرفة ثنائية
الانية والغيرية .


الإنية والغيرية:


الانية والغيرية مسألة تتصل بالبعد العلائقي بين الإنسان وذاته؛ و الإنسان وعلاقاته بالعالم والتاريخ وعالم الآخرين فما هي دلالات الانية ؟ هل الانية هي النفس ؟ هل هي جوهر واحد وثابت؟ هل الانية هي الأنا أو الذات المفكرة أو الوعي أو الشعور ؟


دلالة الإنية تتحدّد بمعزل عن الغير:

النفس هي مصدر إدراك الإنسان لذاته؛ والنفس تدرك دون حاجة إلى وسائط؛ فهي تدرك ذات الإنسان. وأحواله ومختلف أحوال الجسم على خلاف الجسم الذي لا يمكنه أن يدرك بغير النفس.
إنَية الإنسان تتحدّد بما هي نفس لا تشترط شيئا آخر خارج طبيعة النفس
ذات الإنسان مغايرة للجسم – الجسم غير الذات؛ فإتية الإنسان تستبعد الغير بأيّ صورة كان.

-إنية الإنسان هي النفس التي تسمو على الجسم؛ فهي تدرك ذاتها وغيرها في حين أنه لا يمكنه إدراك ذاته.

-علاقة الإتية والغيرية مبنية على التقابل. فالإنية ثابتة على خلاف الغير. إنية الإنسان تتحدّد بمعزل عن أي شيء آخر و لا تتوقّف في إثبات وجودها ومعرفة حقيقتها على غيرها، بل بواسطتها تتحدّد سائر الأشياء الأخرى مهما كان نوعها وجنسها وطبيعتها؛ وليس هناك ما يجعل الإنّية في حاجة إلى الغير.
_ تحديد ماهية الأنا كشيء مفقّر وتحديد دلالة الأنا بصفته وعيا- أيٍّ شيء أنا؟

ماهية الأنا/ المعرفة بالأنا – ما الشيء المفقر؟ . إنّه شيء يشكَ ويتصوّر ويثبت…

يبدو أن سؤال ما الإنساني عرف منعطفا مع اعتبار الإنسان إنية أو ذات واعية؛ ثمة تغير في السؤال من ما الإنسان ما الحيوان إلى سؤال ما حقيقة الذات الإنسانية ؟ من أكون ؟هل تتحقق انيتي بمعزل عن العالم ؟ هل شرط تحقق انيتي الانفصال عن الغير ؟هل يمكن تصور الانية بما هي أنا دون معرفة الجسد ؟

يدفعنا هذا السؤال الى مراجعة الدلالة التقليدية الميتافيزيقية للانية باتجاه الكشف عن اقتدار الجسد والانفتاح على الغيرية فهل يمكن أن تتحقق إنسانيتي دون وعي بالجسد ؟ألا يمثل الجسد (الرغبة القوة) جسرا لإقامة علاقة مع الغير ؟

يوجد الإنسان داخل هذا العالم فضاء اللقاء بين الأنا والآخر ذوات تتفاعل فيما بينها وتبني علاقات بينذاتية وتحيي تجارب متنوعة قوامها حضور الجسد في العالم.

إنَ صورة الغير في فلسفات الذات تبدو فقيرة و لا تكتسي قيمة فاعلة في معرفة الإنسان بذاته وفي تحديد طبيعة وجوده وخصائص حضوره في العالم؛ ولكنَ الفقر وانعدام الفعالية لا يمكن أن يعنيا الغير في تعيّنه وبالنظر إلى منزلته الفعلية وإنّما يعنيان بالأساس صورة تقترحها ذات ‘تتومّم’ امتلاك يقين مطلق ومعرفة كلية تجعلها في غنى على الآخر والعالم؛ وهو ما لا يدعمه أيّ واقع ولا يمكن أن تثبته أيَة تجربة بشرية.

دلالة الإنية تشترط حضور الغير:

يمكن فهم انسانيتي ( ما يحقق إنسانيتي + أو ما يؤسسها في ضوء المعرفة بكوامن الذات-جوانب داخلية – أو المعرفة بدواعي و جسور الانفتاح على الغير – جوانب خارجية – ) وآليات التجاوز( النقد ؛ القطع النهائي…) للذات ( المفكرة و المتعالية و المستقلة عن الغير- الدلالة الميتافيزيقية عموما ).وفق مسارين متكاملين:

أولا تجاوز الذات المفكرة بغاية معرفة المكونات الداخلية للإنسان شأن انفعالات الجسد أو الرغبات.
ثانيا تجاوز الذات بما هي فرد لا يحتاج إلى الغير؛ وفي هذه الحالة نفهم أن المقصود بالتجاوز هو الدعوة إلى مراجعة الذات المنغلقة على ذاتهاء قصد إخراجها من ذاتويتها وإقحامها ضمن علاقة مع الغير. والحاصل من هذا إخراج الذات من وهم الذات الساكنة لإحداث التغاير و الكثرة بين مختلف إبعادها الداخلية والخارجية.

+النفس والجسد شيء واحد ولا يتحدّد أحدهما بمعزل عن الآخر: تكشف دراسة انفعالات الإنسان أنه متأصّل في الرغبة التي تجعل الإنسان منفتحا على الغير؛ إِمّا بالتوافق معه من خلال تنمية أواصر التواصل أو بالصراع من أجل الهيمنة عليه- “الرغبة هي عين ماهية الإنسان'(اسبينوزا)_ الرغبة هما ينمي قدرة النفس على التفكير وما ينمّي قدرة الجسد على الحركة: مبدأ الكوناتيس.

+علاقة الإنية والغيرية تحكمها الأوضاع المادية الاجتماعية والاقتصادية. فالوعي البشري والأفكار والتمثلات لا تتأستس إلاّ في خضمّ ظروف وعوامل موضوعية تحدّد علاقة الذات بالطبيعة وبالآخرين-
أشكال الوعي تمثّل انعكاسات لمجمل النشاطات المادية والعلاقات الإنتاجية للمجتمع تاريخيا. البنية
التحتية تحدّد البنية الفوقية وتتحدّد بها. فإتية الإنسان تتحدّد بالنظر إلى النشاط المادي الذي يحكم
علاقته بالطبيعة والآخرين _ كارل ماركس.

+إتية الإنسان متأصّلة في دوافع غريزية مكبوتة في اللاشعور منذ الطفولة مما يجعل العلاقة مع الغير محدّد بمبدأي الإيروس (الحب) والتاناتوس(الكراهية) ويجعل مبداً اللذة [اللاوعي / الهو] متعارضا مع مبداً الواقع والقيم [ الأنا الأعلى]-مبداً اللذة يعكس نشاطا يهدف إلى تجنّب الانزعاج ويبحث عن المتعة بناء على أنَ الانزعاج يرتبط بزيادة كمية الإثارة واللذة أو المتعة ترتبط بتخفيض هذه الكمّية.(سيغموند فرويد).
«الغير هم في الآن نفسه المماثل والمباين؛ وطبيعة الذات مغلقة ومفتوحة في آن واحد: الغير إنسان يشاركني إنسانيتي؛ فهو مماثل لي؛ لكنّه يتميّز عني بخصوصيته. فهو مباين لي “توجد وحدة إنسانية بقدرما يوجد تنوّع إنساني”_ إدغار موران- انغلاق الذات حول نفسهاء أي مركزيتها تجعل من الغير غريبا فتنشاً علاقة عداوة / انفتاح الذات على الغير يخلق شعور التعاطف والصداقة.’نستطيع إقحام الآخر وإدماجه في الأنا بالتعاطف والصداقة والحب.”موران بناء على ذلك يمكن أن نرصد أشكالا متعدّدة لعلاقة الإتية والغيرية:

© التناظر. فالغير يعكس نظيرا للأنا وعندئذ تتحقق إنّيتي بالقدر الذي يتحقّق فيه غيري؛ لأني أتحوّل بدوري إلى غير بالنسبة إلى الأنا الآخر(الصداقة هي العلاقة التي يتأمّل في ضوئها الأنا ذاته عبر الآخر كما بين ذلك أرسطو(
– المشاركة / التذاوت. الغير لا يمثّل شيئا في عالم الأشياء؛ ولا نحسبه موضوعا خارجيا في قبالة الذات وبمعزل عنها، وإنّما هو ذات في عالم الذوات (التعاطف. العلاقة البينذاتية في التصوّر الفينومينولوجي)

الوعي بالذات يستوجب الآخرء فالغير وسيط ضروري يتوثّف تحقيق وعي الذات بذاتها على السيطرة عليه – علاقة صراع تحكم الأنا والغير على النحو الذي ينكشف من خلال جدلية السيد والعبد كما أبرزها هيجل .

. الغير عدو يكون مستهدفا بالتدمير والقتل؛ فالإنسان كائن تحدوه نزعة العدوان والسعي نحو تدمير الآخر / استثمار المقاربة الفرويدية.

— الغير بماهو سلب لحريتي على النحو الذي أبرزه سارتّر : إِمَا أنا أو الآخرء ذلك أنّ الآخر يحوّل الأنا إلى موضوع ويستهدفها بالنفي. والأنا بدورها تحوّل الآخر إلى موضوع وتقوم بنفيه. فينجم عن ذلك النزاع من أجل اثبات الذات والدفاع عن الحرية.

التأكيد على أنّ أساس ماهو إنساني في العلاقة بين الأنا والغير هو الإعتراف المتبادل داخل نطاق الاقرار والقبول بالاختلاف وهو ما سيسمح بضمان لقاء الإنسان بالإنسان على النحو الذي صاغه ميرلوبونتي بقوله : ” إنّ أيّ كائن إنساني لا يستعلي على الكائنات الإنسانية الأخرى بشكل نهائي إلاّ متى ظلّ عاطلا و جاثما على اختلافه الطبيعي”.





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى