الفيتامينات: تاريخ إكتشافها وأنواعها
تاريخ إكتشاف الفيتامينات:
يعدّ تاريخ إكتشاف الفيتامينات متأخرا نسبيا إذ في القرون الماضية، عندما كان البحارة يعتمدون على الرياح والاشرعة في تسيير سفنهم، كان يحدث عادة أن تطول الرحلات لعدةأسابيع، وبالتالي فقد كان من الأمور المألوفة أن تملئ مخازن المؤن على هذه السفن بتلك الأنواع من الأطعمة التي يمكن أن تظل بحالة جيدة . وكان من أكثر أنواع الأطعمة استخداما لهذا الغرض اللحم الملح، ولحم الخنزير المدخن، والسمك المجفف، والبقول، والجبن، وبسكويت السفن، ومع ذلك، ومهما بلغت وفرة هذه الأطعمة، فقد كان البحارة يبدأون في التساقط مرضى خلال الرحلات الطويلة ان عاجلا اوي أجلا. وهؤلاء الذين يصيبهم المرض سرعان ما يعانون من ضعف شديد يعوقهم عن مزاولة العمل على سفنهم، فانوفهم تنزف واسنانهم تتداعى وقد تسقط أحيانا.. وهؤلاء هم الذين كشفوا النقاب عن ذلك المرض الغامض.
الأسقربوط ولقد عكف الأطباء عدة سنوات محاولين معرفة سبب هذا المرض، فتبينوا أنه يتصل بشكل ما بطعام البحارة، وانه يمكن شفاؤه بتناول البرتقال او الليمون. وفي عام 1795 اصبح تزويد البحارة الذين يقومون برحلات طويلة بعصير الليمون عرفا سائدا في البحرية البريطانية، وكانت نتيجة ذلك أنه لم تظهر بينهم أية حالة مرض الاسقربوط. وبات الاستنتاج واضحا: لقد اوقف المرض بوساطة مادة موجودة في البرتقال او الليمون، وليست في طعام البحارة الذي يملأ مخزن المؤن. وبعد بحث طويل، اكتشف أن المادة النافعة في ثمار الموالح هي ما نطلق عليه الآن فيتامين Vitamin ، واليوم فاننا نعلم أن الكائنات الحية تحتاج على الأقل الى عشرة من الفيتامينات المختلفة، وانه لا يمكننا أن نظل أصحاء ما لم يكن ما نتناوله من طعام يحتوي على كل منها .
ما هي الفيتامينات؟
في عام 1913، حصل سير فردريك جولاند هوبكنز Frederick Gowland Hopkins على أول دليل علمي لوجود الفيتامينات بأن برهن على وجودها في اللبن.. وفي نفس العام، أدرك العالم البولندي کاسیمیر فونك Casimir Funk ان هذه المواد اساسية لاستمرار الحياة ( اللفظ اللاتيني فيتا Vita يعني الحياة. ومنذ ذلك الوقت .
ظن كاسيمير ان جميع الفيتامينات تنتمي الى تلك المجموعة من المركبات الكيميائية التي تعرف باسم الأمينيات Amines “، ومن ثم فقد اطلق عليها كلمة «فيتامين Vitamins »، وفي الوقت الحالي فمن المعروف أنه كان مخطئا، ولكن الكلمة ظلت باقية. وفي الواقع، فان الفيتامينات مواد عضوية تتركب من الكربون Carbon ، والأيدروجين Hydrogen، والأوكسيجين Oxygen ، كما يحتوي بعض منها على النتروجين Nitrogen ، والكبريت Sulphur ايضا… وبعضها مثل فيتامين (ج) عبارة عن جزيئات صغيرة، وبعضها الآخر ذو جزيئات اكبر، فالجزيء من فيتامين ( 4 ) يحتوي على ما لا يقل عن 60 ذرة كربون، و30 ذرة ایدروجين، وذرة اوكسيجين واحدة .
وبالرغم من أن اللحم، واللبن، والبيض تحتوي على فيتامينات، الا انه يمكن اشتقاق هذه الفيتامينات من الأطعمة النباتية التي تتغذى عليها الحيوانات. فالنباتات هي المصدر الرئيسي والجوهري لمعظم الفيتامينات ، يعتبر ذلك واحدا من الاسباب التي توضح مدى الفائدة التي تعود صحيا من جراء تناول الفواكه والخضراوات .
كيف تعمل الفيتامينات؟
من الأهمية ادراك أن الفيتامينات لا تستخدم في الجسم سواء كقوالب بنائية نسيج جديد ، او كوقود يمد الجسم بالطاقة… وبمعنى أصحّ فهي مواد وسيطةCatalysts ، تعمل على سرعة التفاعلات الكيميائية دون أن يطرأ عليها نفسها أي تغيير… ويمكننا هنا مقارنتها بمواد التشحيم التي لا يمكن لتروس الماكينة ان تتحرك بدونها.
والكثير من الفيتامينات يسهم في العمليات الكيميائية التي تمكن الحيوانات من الحصول على الطاقة مما تأكله من طعام. وبعضها الآخر يساعد في عملية تنظيم الانسجة الجديدة، والكميات التي نحتاجها من كل من هذه الفيتامينات غاية في الضالة لدرجة أن بعضها تحسب كميته باجزاء من المليون من الجرام. والبعض الوقت، نجد اننا لسنا في حاجة لتناول طعام، بل انه يمكننا الحياة على ما نختزنه من احتياطات. ولكن عندما تستهلك هذه الاحتياطيات، تبدأ العمليات الجسمانية في التداعي ونصاب بالامراض. وكما أن لكل فيتامين وظيفته الخاصة التي يؤديها في الجسم، فان حدوث نقص في اي منها قد يؤدي الى احد الأمراض.
الفيتامينات الاساسية
مع ما هنالك من تزايد مطرد في اكتشاف أنواع الفيتامينات، فقد بات من الضروري التعريف بكل منها باحد الحروف الهجائية (41)، (ب 6)، (ج ).. وهلم جرا. ولكن لم يمض وقت طويل حتى عرف أن كثيرا من هذه الفيتامينات ليست في الواقع الا مزيجا من عدة فيتامينات ، فاليوم تعتبر مجموعة فيتامين (ب ) مؤلفة من 13 مادة مختلفة على الأقل، يشار الى بعضها بأسمائها الكيميائية الخاصة بها . بينما أطلق على باقي المجموعة فيتامينات (با B1 )، (ب 3 B2 )، (ب) B6 )، (ب 13 B12 ). وفي الوقت الراهن، فان منا هو معروف من الفيتامينات يربو عدده على العشرين، بالرغم من عدم احتياج الانسان المعظمها، والقائمة التالية توضح بعضالفيتامينات الهامة، مبينة أين توجد، وما الذي تؤديه داخل الجسم :
فيتامينات «ا A » – توجد فقط في المنتجات الحيوانية مثل زيت كبد السمك والقشدة، واللبن، والكبد، والبيض، ومع ذلك، فبالإضافة الى هذه المصادر، يمكن للانسان ان يصنع لنفسه فيتامين أ من مادة الكاروتين Carotene ، التي توجد كما قد يتبادر إلى الذهن في الجزر العادي Carrot والتي تسبب لونه الأحمر – وتلك الفيتامينات ضرورية لتؤدي شبكية العين مهمتها الحساسة للضوء.
فيتامينات « ب B » – توجد في الخميرة، والكبد والبندق، والحبوب، والبيض، وفيتامينات ب۱، ب۲ مواد وسيطة تساعد الجسم في الحصول على الطاقة من الطعام. كذلك فان فيتامين ب 6 ايضا عامل وسيط فيما يختص بالمركبات المستخدمة في صنع أنسجة الجسم. أما فيتامين ب ۱۲ فهو مادة غاية في التعقيد وضرورية لعملية تكوين كريات الدم الحمراء الجديدة.
فيتامين « ج C » – وهو ذلك الفيتامين الشهير الذي يقي ضد مرض الاسقربوط. وبالرغم من اننا نعلم منذ سنوات عديدة مدي مقدرته على هذه الوقاية الا اننا ما زلنا غير واثقين تماما كيف يعمل بالضبط: ويوجد في معظم الفواكه والخضروات التي تؤكل بدون طهي .
فيتامينات « D » – توجد في سمك القد ، وزيت كبد سمك الهلبوت والسردين Sardines ، والرنجة Herrings ، ومح البيض. وتنحصر أهميتها في الطريقة التي تساعد بها الجسم على الانتفاع بالكالسيوم الموجود في الطعام لبناء العظام، وبالنسبة للأطفال، فان نقص فيتامين د يسبب المرض الذي يعرف بكساح الأطفال Rickets ، والذي تكون فيه العظام ضعيفة و مشوهة.
فيتامين « ك K » – يوجد في الكثير من الخضروات الخضراء، وتقوم بصنعه ايضا البكتيريا Bacteria التي تعيش في أمعاء الحيوان ، وذلك الصدر الأخير هو الذي تستمد منه معظم الحيوانات حاجتها الملائمة من هذا الفيتامين .