البكالورياالفلسفة بكالوريا

تلخيص محور العمل: النجاعة والعدالة – بكالوريا آداب

يقدم لكم الموقع التربوي نجحني تلخيص محور العمل النجاعة والعدالة للسنة رابعة ثانوي آداب (بكالوريا آداب) التلخيص من إعداد الأستاذ نوفل الحاج لطيف مشكورا.

تلخيص محور العمل: النجاعة والعدالة
تلخيص محور العمل: النجاعة والعدالة

مدخل إشكالي:

في ما يثيره العمل من توتر بين مقتضى النجاعة ومطلب العدالة

يتنزل الاهتمام بمسألة العمل من زاوية نظر العدالة والنجاعة ضمن إطار إشكالي فلسفي يتعهد بالنظر فيها

ضمن أفق اقتصادي واجتماعي، ومدني وسياسي ونفسي وأخلاقي، يرتقي فيه الإنسان من مرتبة أنطولوجية

حيث يكون إثبات الذات بواسطة الوعي والتفكير إلى المرتبة الاجتماعية والمدنية حيث يتم الاهتمام بالعمل

من زاوية نظر قيمية من حيث هو ممارسة تتحدد من خلالها كينونة الإنسان.

إذا كان العلم ضمن بعض الوجوه قد مكّن الإنسان من بسط سيادته على الطبيعة عبرا الكشف . عن القوانين

المتحكمة فيها والتحكم في ظواهرها عبر التنبؤ بمستقبلها، فإن العمل مكنه من تحويل الطبيعة وأنسنتها

وتسخيرها وتطويعها خدمة لأغراضه ومصالحه ومقاصده. وإذا كان العلم دالا على ذكاء الإنسان في مجال

النظر والبحث والمعرفة، فإن العمل دال على ذكاء الإنسان العملي والصناعي.محور العمل: النجاعة والعدالة

مع تطور علاقة الإنسان بالطبيعة ومع تطور أدوات العمل ووسائله وظروفه، أصبح هاجس الإنسان في

العمل يتجاوز مجرد تحقيق الذات وتخطي الشكل الفقير للحياة إلى مستوى البحث عن السبل التي تضمن

العدالة الاجتماعية التي كثيرا ما غُيّبت بسبب هيمنة البعد الاقتصادي في ظل هيمنة سلطة رأس المال في

المجتمعات الاستهلاكية على الأبعاد القيمية للعمل، وحيث اختزل العمل في مجال تحقيق الثروة وحيث

هيمن منطق النجاعة والمردودية والربح بما زاد من حدة وطأة التفاوت الطبقي وما ينطوي عليه من علاقات

هيمنة واستغلال كثيرا ما أدت إلى الحيف والظلم اقتصاديا واجتماعيا.

إن مفارقة العمل من زاوية العدالة والنجاعة متجذرة في التوتر القائم بين حق الإنسان في العمل بما هو

الممارسة التي تضمن له كرامته وبين ما يتسم به واقع العمل الإنساني من مظاهر اغتراب واستلاب واستغلال

واضطهاد، بقدر ما تطورت وسائل الإنتاج ووسائل الرفاه المادي بقدر ما اتسعت الفجوة بين الفقراء

والأغنياء وبين مالكي الثروة ومنتجيها، وهذا ما يفترض مراجعة العلاقة بين الإنتاج وتوزيع الثروة.

والحقيقة إن تعدد معايير العدالة – عدالة توزيعية عدالة تعويضية عدالة وفق معيار الحاجة، وعدالة وفق

معيار الجهد والقدرة والكفاءة والجدارة وعدالة وفق الاستحقاق من جهة واختزال العدالة في المساواة

وتنامي مطلب ،الإنصاف من جهة أخرى جعل من معاودة النظر في مشكلة العمل إنسانيا وايتيقيا مطلبا

ملحا، ولسنا نعني بذلك أن قيمة النجاعة قد فقد أهميتها وإنما غرضنا من وراء ذلك محاولة إيجاد صيغة

لعمل إنساني يكفل كرامة الإنسان ضمن ظروف إنسانية يتسق فيها مقتضى النجاعة . مطلب العدالة

بعيدا عن ألاعيب الشعارات والتقنيات الاشهارية التي تطمس حقيقة العمل وقيمته إذ تركز على طابعه

الاقتصادي. فالعمل بوصفه إنسانيا لا يمكن اختزاله في البعد الاقتصادي والعدالة بوصفها الأفق الذي

تتكرس فيه إنسانية العمل لا يجب أن تُختزل في المجال الاقتصادي رغم انتشار البطالة عبر العالم وإن

بنسب متفاوتة بحيث صار مطلب الحق في العمل يطغى على ما عداه من المطالب. وعليه يثير فينا ما تقدم

جملة من الاستفهامات أهمها:

ما العمل؟ وما الغاية منه؟ هل يمكن التفكير في الممارسة الإنسانية في نطاق الإنتاج المادي الخالص أم أن

هذا الإنتاج لا يكتسب معنى إنسانيا إلا في ضوء مراجعة علاقته بمطلب العدالة؟

على أي معنى ينبغي أن يحمل مفهوم العدالة حتى لا يتعارض مع مقتضى النجاعة والزيادة فيها؟ ألا يكشف

واقع العمل اليوم عن توتربين ما تقتضيه النجاعة بما هي رهان عملي وما تفترضه العدالة بما .

قيمي بما يؤكد حدود التقارب بينهما ؟

أي معنى للعدالة يمكن أن يضفي طابعا إنسانيا على العمل ؟ هل لا يكون العمل إنسانيا إلا في ظل العدالة ؟

ضمن أية شروط تتحقق إنسانية العمل؟ إذا كانت العدالة شرطا ضروريا لذلك فهل يفترض ذلك استبعاد

متطلبات النجاعة ؟محور العمل: النجاعة والعدالة

بأي معنى يمكن الحديث عن العدالة في العمل اليوم في ظل عدم التمتع بالحق في العمل؟

1. منزلة النجاعة في العمل واستتباعاها

أ. منزلة النجاعة في العمل

السند 1 العمل والنجاعة الإنتاجية ” جورج باتاي (الكتاب المدرسي ج2 ص ص 49)

السند 2: “الفعل والعمل” ج. ب. ساي (الكتاب المدرسي، ج2 ص 12

تمهيد: أدت الزيادة في مطالب الإنسان وتنوع حاجاته وضرورة العمل على تحقيقها وتلبيتها إلى البحث عن

إيجاد سبل وطرق في العمل ترقى إلى مستوى الاستجابة لتلك المطالب والحاجات في تزايدها وفي كثافتها

وهو ما نتج عنه تطوير أساليب خاصة تفترض تقسيما للعمل في إطار غايات اقتصادية قوامها النجاعة

المتزايدة.

الإشكالية: ما النجاعة وكيف تتحدد داخل العمل؟ وإلى مدى يمكن أن تكون النجاعة وتطورها المتزايد-عاملا

مساعدا على إنتاج الثروة وتنميتها؟

اقترن تطور العمل بأشكال تقسيم مختلفة وبمواقف متباينة ولكنها تكاد تتفق جميعها، رغم ذلك، حول

مفهوم العمل بوصفه فعلا إنسانيا واعيا ،وقصديا منتجا ونافعا بفعل التحول الذي يحدثه في المواد

الطبيعية الخام وهو الفعل الإبداعي الذكي المنتج لقيم استعمالية أو تبادلية، أو بما هو الفعل المنتج الذي

لا يتحقق إلا في ظل تنظيم لنمط تملك وسائل الإنتاج والعلاقات الإنتاجية ومعايير توزيع المنتوج.

ولقد ارتبط مفهوم العمل حديثا بالنجاعة نتيجة التحولات العلمية والتقنية وهو ما ساهم في توفير إمكانيات

بديلة لا يحصيها العد اكتشافا واختراعا وانتاجا وساهم كذلك في وفرة الإنتاج وتنوعه وتطوره وذلك في

تناغم مع تزايد حاجات البشر وتنوعها وتطورها استعمالا وتبادلا واستهلاكا.

ولقد ساهمت التحولات السياسية الثروة) (الفرنسية والأفكار الأنوارية وظهور الليبيرالية تحرير الفرد، دعم

المبادرة دعه يعمل دعه يمر)، تطور علاقات الإنتاج العامل) بدل العبد في نظام الإنتاج العبودي وبدل

القن في نظام الإنتاج الاقطاعي) – في تطوير النجاعة في العمل فضلا عن الغايات الربحية التي دعمت الإنتاج

وعززته.

تحول العمل من أبعاده القيمية نحو تكريس قيم جديدة تتعلق بالنجاعة والمردودية والإنتاجية والكفاءة

منذ أن اختزل في بعده الاقتصادي كمصدر للثروة ومنذ أن صار الربح محددا لقيمته حتى ارتبط العمل في

النظم الليبيرالية الحديثة بتنمية الثروة واقترن التصور الاقتصادي بمفاهيم جديدة مثل-كما يقول- ساي:

الوظائف الإنتاجية لرؤوس الأموال”، والسلع ومنافع السلع.

لقد وسعت التقنية سلطة الإنسان على الطبيعة وباستعمالها استطاع أن يحدث أعظم تقدم صناعي شهد

صورته الأعظم في “المكننة”. وجدير بالملاحظة أن ذلك كثيرا ما اقترن بالمنفعة والمصلحة التي يعتبرها

ساي “القدرة التي تتحلى بها الأشياء لإرضاء مختلف حاجيات البشر”.

إن النجاعة طريقة في التحقق تضمن القدرة على تحقيق نوع خاص من الأداء يقع التخطيط لتحصيله،

وبمعنى أخر هي أسلوب في العمل قصدي ومنظم يؤمن تحقيق غايات نفعية إذ لا تقف عند مستوى ما

ينبغي عمله بل تعمل على ضبط مختلف لحظات العمل من أجل تحقيق تلك الغايات النفعية ولذلك فهي

تتطلب المردودية من حيث هي التحكم في الجهد المبذول في العمل والتخطيط المنظم بغاية تحصيل

المنفعة وطريقة في العمل تقتضي مرحلية وتقسيما يساعد على تنمية مهارات وقدرات العامل وتنمية

إنتاجيته وبالتالي تأويج الإنتاج. ويقتضي ذلك التقيد بشروط أساسية تدعم مبدأ النجاعة ومبدأ تأويج

الإنتاج مثل السرعة والدقة ولأجل ذلك اقترن مفهوم النجاعة في العمل بالمردودية والإنتاجية والأداء

والكفاءة والفائدة والمصلحة والمنفعة وتلك قيم تجسدت بوجه خاص فيما يعرف بالعمل المسترسل

(المفتت) أو “التيلرة” بحيث لم يعد العمل وحدة متكاملة يقوم بها فرد واحد بل وقع تفتيته إلى وحدات

جزئية وعمليات مفصلة تساهم في تطوير القدرة على التحكم في مجهود العامل بطريقة تزيد في المردودية

وتوفر الوقت وتساهم كذلك في وفرة الإنتاج.

ساهم تقسيم العمل على هذا النحو في الزيادة في الثروة وتنمية رأس المال وفتح الأسواق وطوّر المنافسة

بين وحدات الإنتاج في مختلف المجالات الإنتاجية وعلاوة على ذلك ساهم في تطوير تخصص العمال حتى

ظهرت مهنا وأصنافا جديدة من العمال العمال المختصون أو التقنيون السامون. وهو مجال فتح آفاق

توسيع مهارات هؤلاء المختصين نظريا وتطبيقيا ولقد أحدثت لهذا الغرض مدارس ومعاهد متخصصة.

يكشف العمل للذات عن قدراتها وطاقاتها الخلاقة كما يحوّل نزوعها ورغباتها بحيث يخلق فيها الرغبة من

أجل قهر الطبيعة وإخضاعها فهو يرقى بالإنسان من مستوى الوجود الفردي إلى مستوى الوجود الجماعي

وفيه تتحقق إنسانية الإنسان. فالإنسان بقدر ما يغيّر الطبيعة يغيّر ذاته وبالعمل يصنع ذاته ويصنع شيئا

آخر فينمي ملكاته الكامنة فيه جسديا وفكريا. إن الإنسان حين يعمل لا ينتج لنفسه فقط وإنما ينتج للآخرين

أيضا بما يفضي إلى تأسيس التواصل كقيمة إنسانية تحرر الأفراد من التقوقع على قاعدة التعاون والمشاركة

فضلا عن أن الصنائع بعضها من بعض على حد تعبير ابن خلدون.

يخلق العمل قيما استعمالية وتبادلية وهو بذلك أساس القيمة، القيمة التبادلية أساسا، كما يؤكد على ذلك

كل من ريكاردو و آدم سميث الذي يقول: “لا نرى في الأسواق حيوانات تتبادل جلودها”، ولأجل ذلك ارتبط

فگه فالأشياء تزداد قيمتها بقيمة تبادلها من ذلك مثلا أن الماء رغم أنه أكثر

العمل بالسوق ارتباطا يعسر

استعمالا من الذهب إلا أنه أرخص منه لأن الماء أقل تبادلا من الذهب.

وبناء على ما تقدم ليست النجاعة سلبية في ذاتها من حيث هي قيمة إنسانية تعمد إلى عقلنة عالم الإنتاج

والتوزيع بشكل متزايد ومن ثمّ تجاوز المواقف الانطباعية التي تربط الحيف والظلم في مجال العمل بطلب

الزيادة فيها.

2. استتباعات التركيز على النجاعة في العمل

السند :1: “الاغتراب”، ماركس (الكتاب المدرسي، ج2، ص 68

السند 2: “التقسيم التقني للعمل ” ، ماركس الكتاب المدرسي، ج2، ص18)

تمهید: تبقى النجاعة مطلوبة ولكن في تناسق تام مع ما يطمح إليه الإنسان من حرية وكرامة وسعادة ولن

يتسن له ذلك إلا بخلق ظروف ملائمة يمارس في ظلها الناس نعمة الحياة الطيبة التي يبدو أنها لا تتحقق

في نمط صناعي استهلاكي قوامه فكرة السوق الحرّة، وفي ظل شروط عمل يغيب فيها الحد الأدنى من الرضاء

المعنوي والنفسي والشعور بالإنصاف وهذا ما يجعل من لقاء النجاعة بالاغتراب مبررا لإعادة التفكير في

قيمة العمل الإنساني من زاوية آثاره السلبية حيث يبدو – في تقدير ماركس – أنه كلما ازداد العمل نجاعة، ازداد

العامل اغترابا.

الإشكالية: ما الاغتراب ؟ وفيم يتجلى الاغتراب في العمل؟ وعلى أي نحو يقترن بزيادة الثروة ونمائها وما يفترضه

ذلك من نجاعة متزايدة؟ وإذا كان العمل اغترابا فهل يعني ذلك أن نتخلى عن أعمالنا؟

التحليل ليس العمل مجرد حاجة داخلية للخلق بل هو ضرورة خارجية للبقاء وليس هو كالخلق غاية

الحياة الإنسانية، وإنما هو كما يقول غارودي: “كاغتراب” وسيلة للعيش والحياة التي لا تبدأ إلا بعد العمل

وخارجه”، وفي ذات السياق اعتبر ماركس أن الحرية لا تبدأ إلا بعد العمل” ، وكأننا بالعمل مجال تغترب فيه

الذات عن ذاتها وتسلب فيه إرادتها وحريتها إذ تتحول إلى مجرّد شيء ضمن نطاق العلاقات القائمة أصلا

على التشيئة ويتجلى ذلك خاصة في العمل المفتت (المسترسل)، فكلما زاد العامل من عمله زادت قوة

الأشياء التي يخلقها في مواجهة ذاته وأصبح أشد فقرا في حياته”. فالعامل إذن يزداد فقرا كلما تنامت الثروة

وتزايد حجم إنتاجه وقوته.محور العمل: النجاعة والعدالة

قد تكون النجاعة مبدأ تستدعيه طبيعة العمل المعاصر اعتبارا لتطور وسائل الإنتاج وتزايد الحاجات، بيد

أن تضخم هذا المبدأ انعكس سلبا على قيمة العمل نفسه حتى سلب ما هو إنساني فيه، وفي ذلك يقول

توكفيل: “كلما تقبل تقسيم العمل تطبيقا أكبر تقدمت الصنعة وانحط الصانع، فضلا عن أن النجاعة تؤدي

بالعمل إلى مسارات اقتصادية نفعية يزداد فيها العامل فقرا وشقاء

وإن وفرة الإنتاج والتبادل وما يفترضه ذلك من فائض قيمة في النظام الرأسمالي ينتفع به صاحب رأس المال

دون العامل هو ما يساهم في تزايد ثروة الأول بتزايد حجم وكمية الإنتاج وفي تحوّل الثاني إلى مجرد أداة للربح

والعمل إلى مجرد بضاعة تخضع لقوانين السوق العرض والطلب…) وفي ذلك يقول إنجلس: “إن قوة

العمل في مجتمعنا الرأسمالي هي بضاعة كجميع البضائع”. ويقول بول ريكور في هذا الصدد أيضا: “إن العمل

المغترب في نظام الأجور الرأسمالي الذي يحوّل العمل وقوته إلى سلعة يُتاجر بها في السوق”. وهذا الحط من

قيمة العمل كرّسته الثقافة الرأسمالية البورجوازية التي آلت إليها الكلمة بعد الثورة الصناعية.

وفي الحقيقة فإن الاغتراب في العمل أملته ظروف العمل وليس العمل كعمل من ذلك مثلا أن التقسيم

التقني للعمل قلص من حظوظ تحقيق الأمل في التحرر وخلق مشكلا جديدا في علاقة الإنسان بالطبيعة

وعلاقة الإنسان بالإنسان حتى أن الحرية صارت لا تكون إلا خارج العمل وحيث أن العمل صار “لا ينتج

سلعا فحسب وإنما يُنتج العامل بما هو سلعة أيضا ” ، كما جاء على لسان ماركس

وهكذا يتحول العمل إلى ضرب من التموضع السلبي في إطار النظام الرأسمالي حيث يصبح بضاعة تزدادا

وضاعة بقدر الزيادة في خلق البضاعة فالتموضع يُفقد العامل إنسانيته ويسلبه ذاته ويزداد اغترابه إزاء

منتوجه، وقد تصبح الذات غير واعية بما تنتج، فإذا العامل كدولاب من دواليب مصنع، وبدل أن تكشف

الذات لذاتها وللآخرين تُطمس وتتشيء حتى تحول الإنسان في ظل المكننة إلى حيوان ألي ضمن نسق آلي

يقع برمجته كما تبرمج الآلات ويُتحكم فيه كما يُتحكم في الأشياء من قبل راس المال وبحسب متطلبات

السوق.

الاغتراب، إذن، حالة يفقد فيها الإنسان ذاته فيصبح غريبا عن نفسه منفصلا عن إنتاجه فتُستنزف طاقاته

الجسدية والذهنية تحت وطأة الطلب المتزايد على تطوير الإنتاج والزيادة فيه ووفرته والاستجابة لمتطلبات

السوق الذي يخضع للمنافسة التي تتخذ أشكالا شتّى ولكنها دائما ما تلحق ضررا مباشرا وغير مباشر بالعامل

الذي أصبح هو بدوره مجرد بضاعة. وتتجلى مستويات الاغتراب في التالي: اغتراب إزاء الذات واغتراب إزاء

الإنتاج واغتراب اجتماعي إزاء الأسرة والأصدقاء.

لقد تحول العمل في ظل النظام الرأسمالي إلى فضاء للاستغلال والاضطهاد ومزيد التحكم في الإنسان

وتوجيهه بدل تحريره وزاد في ضجره وملله بدل التخلص منهما وتحوّل الإنسان من خاضع لسلطة الطبيعة

إلى خاضع لسلطة الإنسان وسلطة السوق والتجارة وتدفق الأموال وتزايد المؤسسات البنكية تشهد على

ذلك، فضلا عن القروض وتوسع كبي للمال على حساب قيمة العمل نفسه حتى أصبح كل شيء يباع ويشترى

بما في ذلك ذمم الناس. فالرأسمالية تتجه نحو السوق العالمية لتحول الأمة إلى قاعدة انطلاق من أجل

التوسع فتح أسواق جديدة ولأجل ذلك ينتهي بها الأمر إلى الامبريالية.محور العمل: النجاعة والعدالة

التقويم

المكاسب:

التفطن إلى أشكال السيطرة التي تفرض على الأفراد معاني محددة كالحرية والرفاه والسعادة وأشكال

استغلال أوقات الفراغ بما يتوفر لها من وسائل إشهارية ودعائية ومنابر ثقافية تستهدف التضليل والمغالطة

من أجل أغراض نفعية وربحية في المجتمعات المتقدمة صناعيا وديمقراطيا فالقوة الاقتصادية القائمة على

التكنولوجيا المتطورة في الدول الليبيرالية آلت إلى استعباد الإنسان بوسائل جديدة تحث الأفراد على

الاستغناء عن الحرية بتوهم الحرية والاستغناء عن حقوقهم بتوهم الواجبات، فنزعة الرفاه التي يكرشها

المجتمع الصناعي الحديث توهمنا بتقنين الصناعة والمبادلات وتقنين العمل ضمن مؤسسات تدعي أولوية

العدالة الاجتماعية بينما هي تكرس العدالة خدمة للمنفعة والرفاه

بيان أن اختزال العمل اليوم في بعده الاقتصادي لا يؤدي إلا إلى الحيف الذي يفضي بدوره إلى اغتراب

الإنسان وتشيئته.

الحدود

– ينبغي علينا أن نؤمن بقيمة العمل وقيمة الإنسان في العمل فليس العمال مجرد أشياء أو أدوات تستعمل

بغاية تحقيق مطلب النجاعة أو الإنتاجية، فالعمل بقدر ما يقسم الناس يوحدهم وبقدر ما يُنتج المنافسة،

بقدر ما تُنتج المنافسة – هي بدورها التعاون، بل من شأنها أن تساهم في تطوير جودة المنتوج.

– يحرر العمل المضطهدين على حد عبارة جون بول سارتر وعلى الإنسان العامل أن يغتنم فرصة العمل

ليكشف ذاته للآخرين وليتحرر من كل أشكال الفاقة والحاجة والخصاصة، يقول فولتير: “يبعد العمل عن

الإنسان آفات ثلاثة القلق والرذيلة والخصاصة”.

إن العمل إذ يطور قدرات الإنسان على الخلق والإبداع فإنه يجعله متحررا فلا يخضع إلا لذاته ولا يخضع

أبدا للموضوع ولا لصاحب رأس المال.

– ليس العمل بهذه الصورة المأسوية والقائمة دائما.

وعموما لقد تأسست رابطات واتحادات ونقابات عمالية عبر العالم تدافع عن العمال وعن حقوقهم المهنية

وحقهم في الحرية والكرامة

في شروط إمكان اتساق مقتضى النجاعة ومطلب العدالة

السند :1: “النجاعة والعدالة”، إيريك فايل الكتاب المدرسي، ج2، ص 57)

السند 2: ” في العدالة جون رولز (الكتاب المدرسي، ج2 ص (43)

تمهيد عادة ما يخلط الناس بين مفهوم العدالة والمساواة أيا يكن السجل الذي تتنزل فيه مسألة العدالة

اجتماعيا كان أو اقتصاديا وسياسيا، غير أن مسألة العدالة تطرح نفسها كمسألة مركزية في العمل لا في علاقتها

بالمساواة والإنصاف فحسب بل وأيضا في علاقتها بالنجاعة والمنفعة، فأشكال التفاوت واللامساواة تتحول

إلى مكونات أساسية في فهم العدالة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا. ومن هنا تبنى مسألة العدالة

انطلاقا من فهم معين للنجاعة.

الإشكالية: هل أن العدالة قيمة في ذاتها أم أنها تشترط النجاعة لكي تتحقق ؟ وعلى أي معنى ينبغي أن يُحمل

مفهوم العدالة حتى لا يتعارض مع مقتضى النجاعة في العمل؟ ألا يكشف واقع العمل اليوم عن توتر بين ما

تقتضيه النجاعة بما هي رهان عملي وما تفترضه العدالة بما هي رهان قيمي بما يؤكد حدود التقارب بينهما ؟

ألا يمكن أن تتحقق العدالة حتى في ظل مظاهر اللامساواة؟

التحليل: تحتمل العدالة أكثر من دلالة من ذلك أنه يمكن أن يُنظر إليها من زاوية حقوقية وقانونية فتحيل

على كل ما يتعلق بالإنصاف والمساواة، كما يمكن أن يُنظر إليها من زاوية اجتماعية وأخلاقية فتحيل على

مجال الاحترام والثقة المتبادلين كأن نتحدث عن نقض العقود والعهود والتعدي على حرمات الأشخاص

تحت أي مسمى كان باعتبار ذلك منافيا للعدالة، فالإنسان لا يكتف بما له من حقوق بل عليه أن .

احترام تلك الحقوق بفضل الثقة المتبادلة فيعتقد فيما بينه وما بين ذاته أن تلك الحقوق التي تكون له،

تكون لغيره على قدم المساواة وتكون متساوية في القيمة.

وقد تفيد العدالة أيضا ما يتحقق من حق فردي أو كفاءة شخصية بما للفرد من مهارات أو مواهب أو

امتيازات ويتأكد هذا الحق بما يمكن أن يتمتع به من قبول اجتماعي يدافع عنه المجتمع ويباركه.

ليست العدالة، إذن، معزولة عن عمقها الاجتماعي بما هو عمقها الاستراتيجي من حيث هي تنطلق دائما من

مقتضيات الواقع ومتطلبات المصلحة وشروط التنظيم، ولأجل ذلك تلتقي العدالة بالنجاعة من هذه الجهة

حسب إيريك فايل حيث يقول: “إن العدالة دون مصلحة وهم والنجاعة دون عدالة تضليل وفساد”، فثمة

إذن ربط جوهري بين العدالة والنجاعة وبين العدالة والمصلحة أي بين ما يقتضيه الوجود الإنساني من

إمكانيات لفرض المعنى والقيمة وبين القدرات النفعية في توسيع دائرة الربح وتأويج الإنتاج التي يفرضها

فعل المنافسة داخل السوق الاقتصادية. فما يبرر المصالحة بين النجاعة والعدالة حسب إيريك فايل هو

ما يفترضه واقع الإنسان من منافسة حقيقية يجب ألا يتحوّل – بفعل هاجس المنفعة إلى حلبة صراع تكون

فيها الأولوية المطلقة للمنفعة لا للعدالة كما ذهبت إلى ذلك المدرسة المنفعية التي لا تأخذ بشيء إلا إذا

كان في خدمة المنفعة ولو تعلّق الأمر بالعدالة. فما يعنيها في المقام الأول هو حساب المنافع وتأويجها وفق

لمبدئها الأعظم أكبر منفعة لأكبر عدد من الناس”.

ولقد سعى جون رولز إلى مناهضة هذا الموقف المنفعي من خلال تأكيده الدائم على أولوية العدالة ولأجل

ذلك اعتبرها فضيلة المؤسسات الاجتماعية”، وهي أساس الاستقرار الاجتماعي والتوازن الاقتصادي، وهي

لا تتعلق بمؤسسات بعينها ولا بالمعاملات التي تحدث في إطار حالات فردية وإنما تتعلق بتنظيم

المؤسسات الرئيسية في المجتمع ضمن نسق موحد يحدد حقوقا وواجبات أساسية ويهيكل تقاسم وتوزيع

أعباء وتكاليف التعاون الاجتماعي ومكاسبه وفوائده. فالعلاقة الاجتماعية هي أساسا علاقة تعاون وليست

علاقة هيمنة والعدالة هي في جوهرها عدالة توزيعية أكثر منها عدالة تعويضية. بل إن كل فرد مطالب بأن

يساهم في التعاون باعتباره عضوا في المجتمع. يقول إيريك فايل: إن المواطن هو في بادئ الأمر عضو في

مجتمع العمل وأول ما يطالب به هو جزء عادل من الإنتاج الاجتماعي”.محور العمل: النجاعة والعدالة

وبصوغ جون رولز مبدأيه في العدالة في هذا المضمار كالتالي: المبدأ الأول: لكل شخص الحق ذاته والذي لا

يمكن إلغاءه في نظام من الحريات المتساوية الكافية وهذا النظام متسق مع نظام من الحريات للجميع ذاته”.

المبدأ الثاني: يجب أن تحقق مظاهر اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية شرطين: (أ) يجب أن تتعلق

بالوظائف والمناصب التي تكون مفتوحة للجميع ضمن شروط مساواة منصفة في الفرص. (ب) يجب أن

تحقق مظاهر اللامساواة أكبر منفعة لمن هم أقل حظا في المجتمع من حيث قسمة الموارد.

وعلى هذا النحو يكون الإنصاف جوهر العدالة بالنسبة لرولز الذي يقول: يمكن أن نعرف مبدأ الإنصاف

كما يلي: لنفترض أن هناك مشروع تعاونية اجتماعية وأن المنافع التي ينتجها المشروع يمكن الحصول عليها

فقط إذا كان كل واحد أو تقريبا كل واحد من العاملين فيه متعاونا. زيادة على ذلك، لنفرض أن التعاونية

تفترض تضحية معينة من كل شخص أو على الأقل، تتضمن تقييدا معينا لحريته ولنفرض أخيرا أن المنافع

الناتجة عن التعاون، هي حتى نقطة معينة مجانية: أي أن مشروع التعاونية ليس مستقرا، بمعنى أنه إذا كان

كل شخص يعرف أن كل أو تقريبا (جميع الآخرين استمر في القيام بدورهم فإنه يكون قادرا على أن يشارك

في مكاسب المشروع حتى لو لم يقم بدوره تحت هذه الشروط يكون على الشخص الذي تقبل فوائد المشروع

مقيّدا بواجب الإنصاف، أن يقوم بدوره، وألا يستغل الفوائد المجانية عن طريق عدم التعاون”. وهكذا فإن

الأشخاص المتعاونون ينتفعون من تعاونهم على نحو متبادل دون تواكل ولا انتهازية أو تحين للفرص

يفترض الإنصاف أن يكون الجميع متعاونين من اجل تحقيق المنفعة المتبادلة والمصلحة المشتركة على

قدر توزيع التكاليف وتوزيع المنافع، وإن تبادل المنافع هو في صميم العدالة التوزيعية خلافا لحساب الربح

والخسارة أو حساب المصالح والمنافع في مجتمعات تغلب عليها الانتهازية والمحسوبية والرشوة والغش.

ولا مناص لحل هذه المشكلات إلا بالدخول في اتفاق تعاقدي على أساس مبادئ العدالة التي تفترض أولوية

الحرية والحقوق الأساسية التي لا تنازل عنها في نطاق توزيع عادل للثروات وفي ظل المساواة المنصفة

للفرص.

يكشف العمل عن تلازم النجاعة والعدالة باعتباره ممارسة إنسانية مركبة يتداخل فيها الاقتصادي والاجتماعي

والأخلاقي. ولا يمكن اختزاله في ما هو اقتصادي صرف.

التقويم

المكاسب:

إبراز أن النجاعة قيمة إنسانية (الوجه الإنساني للنجاعة .

-بيان أن التكامل بين النجاعة والعدالة يكمن في المواءمة بين اعتماد تنظيم ناجع للمصالح يحقق ما

تستدعيه العدالة من إجراءات على المستوى الفردي ومقتضيات المصلحة العامة.

– إذا كانت النجاعة عقلنة متزايدة لعالم الإنتاج فإنها لا تتعارض مع العدالة بما هي تكافؤ الفرص والتوزيع.

-الاستجابة للحاجات المتزايدة للبشر يؤكد أهمية النجاعة. بل إن النجاعة قد تُيسر ظروف العمل وتساهم

في تحقيق العدالة.

الحدود

إبراز صعوبة تحديد مفهوم العدالة بالنظر إلى تعدد معاييرها العدالة التوزيعية والعدالة التعويضية

والعدالة وفق معايير الحاجة أو وفق معايير الجهد والقدرة والكفاءة.

صعوبة الملاءمة بين متطلبات النجاعة ومقتضيات العدالة باعتبار أن النجاعة تندرج ضمن سياق

اقتصادي وسياسي بينما تتنزل العدالة ضمن سياق اجتماعي باعتبارها مثلا أعلى أخلاقي.

الملفات

FileDescriptionFile sizeDownloads
pdf تلخيص محور العمل1 ميغابايت104

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى