شرح نص أجرش يا أبا كعب أجرش -محور النادرة – الثانية ثانوي

شرح نص اجرش يا ابا كعب أجرش – النادرة عند الجاحظ – محور النادرة السنة ثانية ثانوي :

 التقديم المادي شرح نص أجرش يا أبا كعب أجرش

نص على شكل نادرة سردية ذات طابع حجاجي و أبعاد نقدية اجتماعية مقتطفة من كتاب البخلاء للجاحظ .

 موضوع نص أجرش يا أبا كعب أجرش
دعوة موسى بن جناح جماعة من جيرانيه للأكل معه و محاولة صدهم بمجموعة من الحجج .

 المقاطع :

1- السطر 1 : الدعوة

2- البقية : الصد التأليف :
*صورة البخيل : مركبة من متناقضات تتنازعها رغبتان : رغبة الإنتماء إلى الجماعة و تتجلى عبر الدعوة و الإستضافة و بين رغبة الإستجابة لنزعة البخل التي تتجلى عبر الصد و محاولة إستدراك التفويت .
*لم يعد البخل مجرد ظاهرة إجتماعية و سلوكية غريبة طارئة على المجتمع بفعل الإختلاط بين الأجناس و التعايش بين الشعوب و خاصة بين العرب و العجم فقط بل أصبح عقيدة و مذهبا يعتذقه كثير من الناس حد التقديس و يدروسون فنونه في المساجد .

شرح النص

المقطع الأوّل يتحدث عن موضوع الدعوة. يقول إن الدعوة تتمثل في فعل القول والحكاية. وهناك ثنائية بين السند والمتن، حيث يكون السند هو الدعوة والمتن هو ما يتم سرده أو روايته. يعتبر النص رواية تمت روايتها بواسطة أبو كعب، ويقوم أبو كعب الراوي بدورين في الرواية: سرد الأحداث والمشاركة فيها. وهو يعمل كرواية شخصية.

وظيفة الجاحظ هي إخراج النص من إطار المشافهة إلى إطار التدوين. يبدأ النص بفعل “دعا” الذي يعبر عن حدث الدعوة ويشير إلى الانقضاء الذي يتضمن الاختيار والموافقة.

يتم فتح النص بواسطة فعل “دعا” الذي يشير إلى حدث الدعوة، والدعوة تنشأ بسبب الاختيار والموافقة. ثم يتم ذكر موسى بن جناح وجماعته. يتم استخدام المفرد والجمع في مقولة العدد، حيث يكون صاحب الدعوة مفردًا والمدعوون جماعة. تم استخدام كلمة الجماعة بصورة مجهولة وتمت إزالة الإبهام بواسطة النعت “من جيرانه”. الجماعة هنا ليست غريبة عن موسى بن جناح.

ثم يتم ذكر “ليفطروا” وهو مركب بحرف الجر، ويعتبر مفعولًا لأجله. يتم ذكر شهر رمضان كمركب إضافي ويكون في حالة المجرور. ويتم استخدام الضمير “كنت فيهم” للمتكلم المفرد والضمير الغائب الجمع.

يتم ذكر علاقة الاندماج والانصهار والاتحاد بين هذه العناصر.

إذا كانت هناك علاقة تقابل بين المفرد والجماعة في مستوى مقولة العدد، فإن هذا التقابل سرعان ما سيزول في نطاق العلاقات الاجتماعية بين الشخصيات. يركز هذا المقطع على مفاهيم اللحمة والتكاتف والتكافل والتعاون، وهي مفاهيم إسلامية تتدعم عندما يتم ربطها بالظرف الزماني الذي تمت فيه هذه الدعوة (شهر رمضان) وانتماء المدعوين (الجيران)، والرسول (ص) قد أوصى بالجار.

والغاية من ذلك هي المحافظة على قيم الضيافة والكرم. يبدو موسى بن جناح منسجمًا مع قيم المجموعة، حيث يكون كريمًا محافظًا على القيم الإسلامية التي دعا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية.

وتنتشر القيم الإسلامية في عصر الجاحظ. ويبدو أن شخصية البخيل في بداية النوادر تكون شخصية سوية متناسقة مع قيم المجموعة.

المقطع الثاني: الصد:

عندما خرج موسى بن جناح من الجماعة، لم يقدم أي تبرير أو سبب لذلك. تجنب صلاة الجماعة وصلى بمفرده لفترة طويلة. بدأ في التراجع عن الدعوة واقترح على الجماعة الاسترخاء والتمهل. البخيل هو الشخص الذي سيبادر المجموعة بالكلام (الفعل القولي). التمهل في القول هو دليل آخر على نية موسى بن جناح في إلغاء الدعوة. قد يتم استخدام النهي هنا بمعنى طلب التوقف عن فعل شيء بطريقة استفزازية ليكون له تأثير نصح وإرشاد.

قام موسى بن جناح بتجسيد نفسه كناصح وواعظ للجماعة، حيث يعتبر نوعًا من الإمامة والإصلاح لحالة العباد. تتمحور نصيحته حول موضوع محدد، ويقدم حججًا مقنعة لإقناع الجماعة بصحة وجاهية ما يقوله. يعتمد البخيل على استراتيجية هجومية، حيث يحاول أن يتقدم على الجماعة في البادرة. تركز أطروحة موسى بن جناح في البداية على مجال الصلاة، حيث يعارض العجلة في أداء الصلاة ويشدد على أنها تؤدي إلى الخسارة. يقصد هذه الأطروحة في الواقع تحسين ممارسات الجماعة الدينية الخاطئة، مثل الإسراع في الصلاة. يستخدم موسى بن جناح كلمة “كيف” كسؤال استفهام للتعبير عن الحالة. وقد استخدم “قد قال” كأداة تأكيد، واستخدم “اسمعوا” كأمر للنصح والإرشاد. يستخدم “إن” كناسخ حرفي لتعزيز التأكيد، واستخدم “و” كحرف عطف للتعداد.

وظائف الحوار:

يتمحور النص حول طبيعة الحجج التي يقدمها موسى بن جناح. تُعتبر الحجة الدينية أو الحجة الشاهد القولية هي المحور الأساسي. يستخدم موسى بن جناح استشهادًا بآيات قرآنية تتحدث عن عجلة الإنسان. يظهر موسى بن جناح من خلال أقواله بصورة متعددة، حيث يعتبر ورعًا، تقية، حكيمًا، عاقلاً وراشدًا. يتناول النص فكرة الهدم والبناء، حيث يهدم بعض الممارسات الخاطئة من قبل المجموعة ويقوم ببناء ممارسات جديدة تتوافق مع أحكام الشريعة. يوجد انتقال وتدرج من العلاقة بين الإنسان والله (الصلاة) إلى العلاقة بين الإنسان والإنسان (آداب الأكل). يظهر موسى بن جناح كناصح للجماعة في شؤون دينهم ودنياهم. يبرع الجاحظ في كشف البخلاء، حيث يكشف الخباثة البخيلة قبل أن يتكلموا أو يتصرفوا. تستخدم اللغة في الكتابة لكشف البخيل قبل أن يتحدث أو يتصرف. يتم استخدام عبارة “وقد أتيتم سريعًا” كجملة اعتراضية لتناقض مكونات الجملة الرئيسية. يستخدم “إذا” كظرف زمني و”حتى” للدلالة على انتهاء الغاية. يستخدم “منها” للتفصيل والتعداد. يوضح البخيل الناصح آثار الإسراع في الأكل. تعتبر الصورة الكاريكاتورية التي تبعث على الضحك والاستمتاع جزءًا من المبالغة في الرسم. قد يكون الوصف المبالغ فيه للبخيل مرتبطًا بالمجموعة بشكل أقرب؟ هل يمكن أن يكون الوعي البخيل هو الذي حضر في تلك الفترة وأعطاه تلك الأفكار والأقوال؟ يستخدم “إن… فإن” و”إذا… لا” كتعبيرات للشرط والتلازم. تعتمد وظائف الحوار على الإعلام والتعبير والتأثير والحجاج والجمال الإنشائي. يُعزز دور البخيل في تعزيز الأنا الفردية وتعظيمها على الأنا الجماعية. تُعتبر الأنا الفردية أسمى من الأنا الجماعية وهي التي تشكل نظام القيم. تعتبر النزعة الفرديّة مظهرًا من مظاهر مذهب البخل، حيث يعتبر الآخر دائمًا عدوًا معروفًا يجب أن نحذر منه. تتميز شخصية البخيل بأنها متقوقعة ومتمترسة حول ذاتها، وتتسم علاقته بالمجموعة بالتضاد والعداء. يعتبر البخيل صاحب مذهب لديه رؤية فكرية. لم يعد البخل مجرد ظاهرة اجتماعية وسلوكية فحسب، بل أصبح عقيدة وأيديولوجية. ترتقي الأقوال في النص بوظيفة تصويرية.