مواضيع حجاجية محور المرأة في المجتمعات المعاصرة 9 أساسي
موضوع حجاجي محور المرأة 9 أساسي
مجموعة من المواضيع الحاجية للسنة تاسعة اساسي حول محور المرأة في المجتمعات المعاصرة. المستوى 9 من التّعليم الأساسي. يمكنكم أيضا قراءة كل مايخص محور العمل: التاسعة أساسي.فرض انشاء 9 اساسي مع الاصلاح محور المرأة
الموضوع1: فرض انشاء 9 اساسي مع الاصلاح محور المرأة
“انتسبت أختك إلى جمعيّة تعنى بالعمل السَّياسيَ و الاجتماعيّ و الثْقافيّ فاعترض والدك على ذلك زاعما أن المرأة عاجزة عن التّوفيق بين مهامّها داخل البيت و خارجه فحاولت أختك أن تقنعه بقدرة المرأة على الإسهام في بناء الأسرة و المجتمع.”
أنقل الحوار الّذي دار بينهما مبيّنا الحجج التي اعتمدتها أختك في إقناع أبيك.
التحرير
المقدمة:
لنن حقّقت المرأة اليوم من المكاسب ما جعل العقليّة القائلة بقصورها و عجزها تندثر فإنَ الكثير من النّاس ما زالوا يعتقدون أنَّها بحكم دورها الكبير في تنشئة الأبناء و إعدادهم للمستقبل قد عجزت عن التّوفيق بين مهامّها في الأسرة و دورها في المجتمع و يعد أبي من بين هذه الفئة إذ أثار اندهاشي يوما عندما انتسبت أختي إلى جمعيّة تُعنى بالعمل السنّياسيّ و الاجتماعيّ و النَقَافيَ فاعترض على ذلك زاعما أنَ المرأة عاجزة عن التّوفيق بين مهامّها داخل البيت و خارجه فحاولت أختي أن تقنعه بقدرة المرأة على الإسهام في بناء الأسرة و المجتمع.
الجوهر:
حدث ذلك عندما قرّرت أختي الكبرى التي تحصّلت على شهادة الأستاذيّة في العلوم القانونيّة أن تحتفل بعيد المرأة العالميّ صحبة زميلاتها المتحصّلات على شهائد جامعيّة في مقرّ جمعيّة نسائيّة تُعنى بالعمل السّياسيّ و الاجتماعيّ و النَّقَافِيَ.
و قد شجّعت هذه الجمعيّة الطالبات المتفوّقات على الانتساب إليها و النّشاط ضمن هياكلها فعادت أختي فرحة مستبشرة بهذا النّبأ و قد غمرتها الآمال العظام و الأحلام الجامحة بما تتوق إلى إنجازه من مشاركة في الحياة السّياسيّة و إسهام في أعمال اجتماعيّة تحقّق فيها ما تاقت إليه من طموحات و خاصّة في المجال الثقافي. فقد كانت أختي موهوبة في كتابة الشّعر و القصّة و أسرعت إلى أبي تبشّره بما عزمت عليه و في ظنها أنّه لن يتوانى عن تشجيعها و شدّ أزرها و لكنّه ما أن سمع قولها حتّى ثار في وجهه الدّم و طغى في رأسه الغضب و كاد يتمزّق من الغيظ و أشاح عنها بوجهه رافضا ما عزمت عليه و هدّد و توعد بالويل و الّثبور إن هي أنجزت ما تقول حينها أدركت شقيقتي أنّها في موقف حرج و أيقنت أنّ من الصّعوبة إقناعه بخطأ تصوّره و غفلته عن الحقيقة و لكنّها صمّمت على المضي قَدْمَا في الدّرب الذي تخيّرته بكلَ عزيمة و ثبات و إنملأته الأشواك و شابته العثرات فأردفت قائلة:
-“أيْ أبت .. لم أتصوّرك يوما كارها تألّقي و نجاحي و ما فلاحي اليوم غير ثمرة من ثمار تضحيتك و مزيّة من مزايا بَذْلِكَ ذات اليد و ذات النّفس من أجلنا .. فكيف تكتفي بنجاح محدود أحفّقه و يعزّ عليك أن ترى نجاح المرأة في نجاح ابنتك ..!؟
يا أبي إنّ تطوّر المجتمعات البشريّة و تطوّر عقليّاتها قد ارتقى بالمرأة إلى مركزها الطبيعيّ إلى جانب الرّجل في معركة بناء الحضارة بمختلف مستوياتها السّياسيّة و الاجتماعيّة و الثَّقافيّة فزالت بذلك العقليّة التي تنظر إليها على أنّها مقتصرة على خدمة زوجها و أبنائها في البيت و إنّ الواقع يثبت ذلك فالمرأة اليوم عنصر فاعل في المجتمع ضمن مختلف أماكن العمل فهي في المصنع و في المؤسّسة و في المدرسة و غزت الفضاء دون رهبة أو خوف مثل رائدة الفضاء الرّوسيّة “هيلينا تيرشكوفا” بل إنّها قد شغلت أحيانا مناصب سياسيّة حساسة و أدارت شؤون الدّولة بحنكة و تدبير كبيرين على غرار المستشارة الألمانيّة “أنجلا ماركل” و كذلك “مارغريت تاتشر” التي ترأست الحكومة البريطانيّة لعديد السّنوات و عُرفت بالمرأة الحديديّة و أيضا “أنديرة غاندي” زعيمة الهند التي وسعت شهرتها الآفاق و قادت شعبا من مئات الملايين من البشر و “هيلاري كلينتون” وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة .. و تعد تونس مثلا من أبرز البلدان العربيّة جرأةً في تحسين وضعيّة المرأة و منزلتها اجتماعيًا و سياسيًا و ثقافيًا فاقتحمت كل المجالات الفنيّة و التّربويّة و الاقتصاديّة و كان لها صيتها
الشائع و صداها الطيّب و يمكن القول إنّ المرأة التّونسيّة صارت تضاهي اليوم نظيراتها الغربيّات و ليس أدلّ على ذلك من اشتراط مبداً المناصفة بين الجنسين في القوائم الانتخابيّة خلال انتخابات المجلس النّأسيسيّ التّونسيّ و احتلال المرأة لنسبة هامّة من بين أعضاء المجلس إضافة إلى اضطلاعها بمهام الوزارة على غرار وزارتي البيئة و شؤون المرأة كما تضطلع المرأة التّونسيّة بدور هام و فعّال في منظّمات المجتمع المدنيّ النَقَفَِّةِ و السّياسيّة. و لا تقف أهميّة المرأة في المجتمع عند حدود السّياسة بل تتعدّاها إلى المجال النَّكَافيَ الذي تطوّرت فيه لتصبح كائنا ثقافيًا فاعلا و مضيفا إلى الكتابات النّقافيّة و لقد جاء في الأمثال قولهم:”إن علّمت رجلا علّمت فردا. و إن علّمت امرأة علّمت عائلة و من ثمّة تكون علّمت جيلا و أجيالا و مجتمعا” و ما أعلام النّساء و الشهيرات في
الأدب و الرّواية على غرار عروسيّة النّالوتي و جميلة الماجري من تونس و غادة السمّان من سوريا و أحلام مستغانمي من الجزائر إلا مثالا من جملة الأمثلة و كم مرّة تطلع علينا المرأة بمقالات و أبحاث جريئة في مختلف الميادين ..
و خلاصة القول أنّ المرأة ركن أساسيّ في البناء الحضاريّ الذي نروم تأسيسه اليوم فلا يصحٌ أن نبني العالم و قد استغنيّنا عن نصف طاقته المنتجة الفغّالة في حين تمكّن مشاركة المرأة في مختلف الأنشطة الاجتماعيّة من استغلال طاقات جميع أفراد المجتمع لتتوقّر فرصة الإسراع بالرقي و التَقدَم”
حملق في وجهها و كأته قد تفاجاً لما سمعه منها ثم صمت لحظةً صمتَ من يجمع أفكاره و يلم شتات رأيه عساه يُضعفُ موقفها و يُسلِمن قيادها ثم قال و قد أشرق وجهه و كأنّه تين من إفحامها بحجّة دامغة :
-“صّة .. صّة .. رويدك يا ابنتي فهلاً تمهّلت في إصدار أحكامك جزافا دون تفكير و لا رويّة .. . ! ذلك أنّك فهمت الواقع على غير حقيقته و لامست ظاهره و أغفلت حقائقه الكامنة في باطنه فرغم تطوّر المرأة ما زالت مبعدة عن اتّخاذ القرارات السّياسيّة و النَّقَافِيّة و الاقتصاديّة و حتّى اعتماد مبداً المناصفة بين الجنسيْن في انتخابات المجلس التّأسيسيّ التونسيّ قد كان شكليًا إذ لا يصعد إلى المجلس إلا رأس القائمة الانتخابيّة في حين لا نجد من النّساء على رؤوس القوائم سوى عدد قليل انعكس على نمط حضور المرأة ضمن أعضاء المجلس النّأسِيسيَ بعد ذلك هذا في ما يخصَ المجال السنَّياسيَ أمّا في الإطار الاقتصاديّ فنلاحظ تدنّي أجرتها مقارنة بأجرة الرّجل في جل بلدان العالم رغم أنّها تعمل ضعف ساعاته عدا الاستغلال الفاحش كقلّة الضّمانات و الأجور و تعدّد وظائفها خارج المنزل و داخله لتصبح طاقة مشنّتة دون أن ننسى عدم ثقة المرأة في المرأة سياسيًا إذ توجد نسبة كبيرة من النّسوة يحبّذن انتخاب الرّجل حسب إحصاءات الأمم المتّحدة أمَّا من النّاحية الثَّقافيّة فإنّنا نلاحظ كثافة إنتاج المرأة و قلّة التّجديد ذلك أنّه إبداع تقليديّ حيث تهتمّ المرأة في أدبها و كتاباتها بالحريّة و الحبّ و الجنس و النّار من الرّجل فقط على غرار نوال السّعداوي أو مي زيادة فكان خطابها مبالغا في تمجيد المرأة و جعلها مؤسّسة لكل أنشطة الحياة و علومها و فنونها. بل ذهبت إلى السّخرية اللأذعة من الرّجل لتؤكّد رغبتها في الّآر منه و النّقمة عليه و لعلّ الجوائز العالميّة تترجم هذه الغرات في إبداع المرأة فمثلا ضمن حوالي واحد و أربعين و أربعمائة من الحاصلين على جائزة نوبل في العالم في المجال العلميّ نجد إحدى عشرة امرأة فقط فحذار من التّسرّع يا بنيّتي و نظرًا عميقا في حقائق الأمور فالمرأة لم تقطع شوطا شاسعا في مختلف المجالات كما يبدو من أحكامك المتسرّعة و إنّما هي ما زالت في فجر تحرّرها و بدايات مشاركتها في بناء المجتمع إلى جانب الرّجل.”
كانت أختي تنصت إلى كلام أبي مذهولة متعجّبة و قد أيقنت أنّ إقناعه بخطأ تصوّره ليس بالأمر الهيّن فحججه لا تخلو من وجاهة و رؤيته تدلَ على رجاحة فكر و إدراك لجواهر الأمور و إن كان يغالي في التحامل على المرأة و ينكر فضلها على المجتمع فقالت بصوت تملأه الثقة و يغمره الإيمان بتغيير موقفه :
-“لله درّك و لله درّ حجج تجيء بها .. ما أحكم أصولها و أحسن فصولها و أقلَ عيوبها .. و لكن إيّاك و ظلم المرأة يا أبت .. بل .. إنصاقها .. إنصافها .. ذلك أنّ حرمان المرأة من إبراز مواهبها و استغلالها في ما ينفعها و ينفع المحيطين بها يتنافى و مبادئ الحريّة و الكرامة و العدالة الاجتماعيّة و قد أثبت الواقع و التجربة أنّ أكثر البلدان تخلّفا هي أكثرها امتهانا للمرأة و احتقارا لها و تنكّرا لحقّها في الانخراط ضمن المجموعة و هذا يعني منطقيًا و عقليًا أنّ المنزلة التي تحظى بها المرأة في المجتمع يمكن أن تكون معيارا لقياس مدى تقدّم الشّعوب أو تخلّفها و ليس من باب المصادفة و الاتّفاق أن نجد المرأة في المجتمعات الأكثر تقدّما فاعلة في المجالات السّياسيّة و الاجتماعيّة و الثَّفافيّة و حتّى الاقتصاديّة فقد ساعد خروج المرأة إلى العمل في ارتفاع مستوى المعيشة في بلادنا فهي بما توقّره من مداخيل إضافيّة تساعد الرّوج على تلبية حاجات الأسرة و تخقّف عليه عبء المسؤوليّة الأسريّة في عصر لعبت فيه وسائل الإعلام دورا كبيرا في خلق عقليّة استهلاكيّة لا تكتفي بالضّروريّ و إنما تميل إلى الكمالىّ ممّا لا يقدر عليه رب الأسرة بمفرده مهما كانت موارده. و هكذا فإنّ إسهام المرأة في البناء الحضاريّ قد أعاد إليها ثقتها بنفسها و أسهم في خلق جيل جديد من النّساء لا يؤمن بالعراقيل و العقبات بل يمضي على درب تحقيق المطامح بكلَ حزم و ثبات فأين امرأة اليوم من امرأة الأمس ؟ و من جهة أخرى فإنّ التطوّر
الماديّ الّذِي شهده مجتمعنا لا بدّ أن يصاحبه تطوّر فكريّ و كلّ من ينظر إلى امرأة اليوم بعقليّة الأجداد أولى به و أحرى أن يعيش حياة الكهوف فلا مجال اليوم لمثل هذه العقليّات التي كانت سببا في تخلفنا قرونا عديدة “.
تغيّرت ملامح وجه أبي و اجتاحت عينيه نظرات غريبة تشي بما يجول في رأسه من أفكار تمتهن المرأة و تنكر عليها حقوقها في بناء الحضارة و كانت تبدو عليه علامات الارتباك و قد بدا يتحسّس قصور موقفه وحدود نظرته لكنّه استجمع أفكاره و عاد ليقول في محاولة أخيرة للإقناع بموقفه:
-“قد تستأثر المراة بمواقع في المجتمع أرى الرّجل أجدر بها و لكنّ ذلك لا يشرّع سيطرتها في المجالات النَقافيّة و الاجتماعيّة و السّياسيّة و قد كان من الأجدر أن تهتم بالأسرة و تربية الأبناء و خدمة الزّوج و إِنَ التّاريخ العربيّ و الإسلاميّ لا يدعو إلى تشريك المرأة في الواقع بمثل هذا القدر الكبير فقد كانت المرأة سلعة أو مخلوقا من الدّرجة الثّانية بل كانت وسيلة التّسلية العظمى كالجواري في قصور الخلفاء بل إنَ بعضهنٌ مثّلن طريق الغواية و الضّلال .. ألم تر ما حدث لآدم عليه السّلام إذ أنزل من الجنّة بسبب زوجته حوّاء و كذلك ما ذكره الله في “سورة التحريم” ضمن الآية العاشرة إذ يقول في كتابه العزيز :”ضرب الله مثلا للّذين كفروا امرأة نوح و
امرأة لوط كانتا تحت عبديْن من عبادنا صالحيّن فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شَيْئا و قيل أدخلا النّار مع الدّاخلين”صدق الله العظيم ..
ثمّ إنَ المرأة ممنوعة في كثير من المجالات مثل الخلافة إذ لهذا المنصب أعباء جسيمة تتطلّب قدرة كبيرة لا تتحمّلها المرأة عادة و تتنافى مع طبيعتها النَّفْسِيّة و الجسديّة و قد ذهب جمهور العلماء على إلى اشتراط الذكورة في القضاء كما أكّد الله ذلك في الآية الرّابعة و الثلاثين من سورة النّساء إذ يقول :”الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم” و من ناحية أخرى فلا تجوز إمامة المرأة لجماعة الرّجال في الصّلاة باتّفاق الفقهاء و من جهة مقابلة فإنّ الرّسول صلّى الله عيه و سلّم لم
يُوَلَ امرأة في حياته .. و جملة القول أنّ المرأة لم تستأثر في التّاريخ العربيّ و الإسلاميّ بمنزلة رفيعة تميّزها عن الرّجل أو تضعها في مرتبته في مختلف المجالات الثقافيّة و الاجتماعيّة و السّياسيّة .. فلا تتوهّمي يا بنيّتي الخيالات حقيقة و فإنّ كثيرا من الأشياء يختلف ظاهرها عن باطنها و لا يصف حقيقتها و لا يعكس جوهرها فقد ” زَعَموا أنَّ تعلبًا أتي أَجَمَةَ فيها طَبلَ مُعَلَّقَ علي شَجَرَةٍ وكُلّما هَبّتِ الرّيخٌ علي قُضبان تلك الثَّجَرَةِ حَرَّكُتها فضَرَبَتِ الطَّبلَ فسْمِع ع له صوتٌ عظيمٌ باهِرٌ. فَتّوجَّة التْعلَبٌُ | نحوه لأجلٍ ما سَمِعَ من عَظيم صّوتِه. فلمًا أاه وَجَدَهُ ضحم فأيَنَ في نَفْسِهِ بكثرّة الشّحم والأحم. فَعالجَهُ حتي شلَقّه فلمًّا رآهُ أجوْفَ لا شيء فيه قال: لا أدري لعل
أفثوللَ الأشياءٍ أجهَرُها صوتًا وأعظتها جُتَةٌ “. و ما علاقة هذا التعلب بالطّبل بغير تمثيل لعلاقتك بظاهر الأمور تقفين عندها و تحسبينها الحقيقة كلّها ..”
حينئذ أدركت أختي أنّ هذه الجولة هي الأخيرة من هذا الحوار فقالت و كلّها أمل في نصر قريب:
-“ما أوسع اطّلاعك يا أبت و ما أشدّ تجنّيك على المرأة فنعم تنوّعُ معارفك و بِنْسَ ظلمُ المرأة فهلاً استمعت إلى ردّي لعلّي أفلح في إقناعك بوجهة نظري !؟ .. إنّ المكانة التي حظيت بها المرأة في الإسلام تنهض دليلا على أنّ إقصاءها و حرمانها من إظهار مواهبها و المشاركة في عمليّة البناء قد تزامن دوما مع عصور التدهور و الانحطاط فهل يمكن القول بأنَ المرأة المسلمة عانت من الانتقاص في عصر المتّيادة الإسلاميّة عندما نجد كتب التّاريخ تحدّثنا عن الدّور الأساسيّ و الحاسم الذي قامت به السيّدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في نُصرة الرّسول صلّى الله عليه و سلّم و تثبيته في فجر الدّعوة الإسلاميّة ثم نرى الأهميّة القصوى التي ميّزت دور أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها في رواية أحاديث الرّسول صلَّى الله عليه و سلّم و شرحها و تبليغ سنّة النبي صلوات الله عليه و سلامه الَّذي قال ك”تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا .. كتاب الله و سنت .”
ليكتسي دورها قيمة أكبر في هذا السّياق كما تحدّثنا كتب التّاريخ عن الزّرقاء بنت عدي كيف كانت تقف في جموع المسلمين من أنصار علي بن أبي طالب كَرّم الله وجهه تدعوهم على القتال ثمّ نراها بعد ذلك تقف شامخة أمام معاوية بن أبي سفيان و هو يحاسبها على ما بدر منها فضربت بذلك خير مثال في الوفاء و الثّبات على المبادئ و المواقف الحاسمة و نجدها أيضا تحدّثنا عن شجرة الدرّ التي استطاعت أن تقود أمّة بأكملها في أعتى المراحل و أخطرها في التّاريخ العربيّ الإسلاميّ كما سيطرت الخيزران جارية الخليفة المهديّ و زوجته على مقاليد الأمور في عهده ثمّ حاول ابنها الهادي تقييد سلطتها فقتلته شابًا ثم ظلّت تسيطر على ابنها هارون الرّشيد الخليفة العبّاسيّ المعروف حنّى ماتت في عهده . و أمّا ما ذكرته من أمر حوّاء و اعتبارها سبب خروج آدم من الجنّة فهي ليست المسؤولة وحدها عن ذلك و لكنّها تتقاسم معه الذّنب مناصفة” إذ يقول تعالى في “سورة البقرة”ضمن الآية الخامسة و العشرين :”فأزلّهما الشّيطان فأخرجهما ممّا كانا فيه ” صدق الله العظيم . و بالإضافة على كلّ هذا فإنّ الإسلام قد بوّاً المرأة منزلة رفيعة عندما جعل الجنّة تحت أقدامها فهل يجوز أن يعتبر ديننا الحنيف رضاها معبرًا إلى الجنّة ثم يحطّ من شأنها و يحرمها من أدنى حقوقها في خدمة مجتمعها و بناء واقعها و حضارتها ! ؟ ..”
الخاتمة:
عندما أكملت أختي كلامها لم يقل لها أبي أخطأت أو أصبت .. كلا .. و لم يحاسبها على مما بدر منها في كلامها بل كان يصغي إلى كلّ ما تقوله و كأنّه قد شرع في تدبّر معانيه و تقليبه على مختلف وجوهه ثم نظر إليها نظرة دافئة مليئة بالحنان و العطف و امتدّت أصابعه مرتجفة متثاقلة تداعب خصلات شعرها و لم يقل شيئا بل ودّعها بابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيُه و غادر المنزل بهدوء و بعد يوميّن كان موعد أختي لتقدّم مداخلة فكريّة ضمن اجتماع ينعقد في مقرّ الجمعيّة الَسائيّة و كم كانت دهشتها كبيرة و فرحتها عارمة عندما لمحت أبي جالسا في الصف الأوّل يشجّعها و يصفّق لها بحرارة ليتّضح من خلال ذلك أنّ فضل المرأة اليوم قد غدا مشعًا
على مختلف المجالات و لا يمكن أن ينكره صاحب فكر معتدل و حكم عادل.
الموضوع 2: موضوع فرض جامع في العربية حول محور المرأة
التعليمة: بينما كنتِ وأمَكِ تُتابعان وَمَضاتٍ إشهارية توظف جمال المرأة وسيلة لترويج السلع، عبّرت لكِ عن
فخرها بصورة المرأة في الإعلام وعدّت ذلك مكسبا عظيما يُعزّز مكانتها ورقيّها الاجتماعي والاقتصادي.
أكتُبي نصا حجاجيًا لا يتجاوز الخمسة والعشرين سطرا تُبيّنين فيه لأمّك أنّ تلك الصورة الشوهاء للمرأة تلحقُ
أضرارا فادحةً بالمرأة والأسرة والمجتمع.
التحرير
أنا منبهرة بتحمس أمّي لقضيّة المرأة وإن كنتُ أختلف معها في بعض التفاصيل وقد حانت الفرصة لأخوض معها نقاشا
عميقا في إحدى السهرات الرمضانية، حينها كنتُ أتابع معها ومضات إشهارية تعتمد جسد المرأة أداة لإغراء المشاهدين
باقتناع السلع. والغريب في الأمر أنّها شديدة الافتخار بتلك الصورة النمطية للمرأة بل وتعتبرها إنجازا عظيما يدعم مكانة
المرأة في المجتمع. بعد أن أصغيت بانتباه لوجهة نظرها، خالفتها الرأي تماما.
قلتُ لها في صوت ملؤه الحب واللطف والمودة: ” أمّاه العزيزة … اسمحي لي أن أقول لك بكل أسف أنّي على يقين
بأنّ تلك الصورة الشوهاء للمرأة في وسائل الإعلان والإعلام تلحق أضرارا فادحة بالمرأة والأسرة والمجتمع.
فلقد صار واضحا عندي أنّ المرأة لن تجني من وراء ذلك إلا سرابا خُلّبا حينما يستحيل كيانها مجرد صورة براقة وفتنة
مُعلَّب تُقلبه الكاميرات في أدق تفصيلاته ووضعيّاته لإغواء المشاهد وإحكام السيطرة عليه بتهييج غرائزه
آه يا لشعوري بالخيبة عندما أرى الإعلام ينجح في الترويج لتلك الصورة على أنّها نموذج للمرأة المتحررة والمتقدمة
في حين أنّ تلك الخديعة تُعطّل مسارها نحو التحرّر بل وتُهدّد بابتلاع كلّ ما حققته من مكتسبات جمة في دربها الشائك.
صارخة و وجسد
وما دامت المرأة حجر أساس في الأسرة فإنّ الأضرار ستلحق بها يقينا لأنّ الطفل الذي سيترعرع في أحضانها
سيتغذّى من تلك الصور المهينة للمرأة منذ فتح أنظاره ولن يرى فيها غير كائن ساذج لا هم له إلا القشور وتوافه الأمور
وشد انتباه الذكور ومحصلة ذلك سوء تفاهم وعلاقات متوترة بين الأم وباقي أفراد أسرتها ولو احتكمنا إلى واقعنا المرير
لرأينا صورة المرأة الخادمة في الإشهار قد أثقلت كاهل المرأة بأفراد أسرة متواكلين ينهشون طاقاتها يوميًا بطلبات
مجحفة بعيدا عن مفهوم الأسرة المعاصرة التي تقوم على مبدإ التشارك.
وبالنسبة للمجتمع فنصيبه هو الآخر هائل من الخسران بسبب تلك الصورة النمطية للمرأة التي تساهم في تخليق أجيال
لا تحترم المرأة وتنكّل بها تحقيرا وتعنيفا وتحرّشا في كل الفضاءات.. ومصداق ذلك إحصائية أخريَتْ سنة 2015 أثبتت
أن العنف ضدّ المرأة قد قفز من 27 بالمائة إلى أكثر من 50 بالمائة من نساء تونس وهذا يعني أنّ للإعلام دورا كبيرا
في ارتفاع نسب العنف والجريمة والانحراف وكذلك ترسيخ التبعية العمياء لقشور الغرب لأنّ تلك الصورة المثيرة في
الإعلام لا تروّج للمرأة الغربية فقط بل وأيضا لمجتمع استهلاكي ونمط عيش منبت عن واقعنا. وفي ذلك انتهاك لثقافتنا
العربية الإسلامية يُفضي إلى جعل العربي ممزقا بين قيم دخيلة وأخرى أصيلة تُعمّق لديه الشعور بالنقمة على تفشي
الرذيلة والخطر هنا يكمن في انقياد كثيرين إلى التعصب والتطرّف بدعوى صون الهوية والدين.
لقد بات واضحا جدًا الآن يا أماه أن صورة المرأة الافتراضية مخادعة يدعي فيها الإعلام تحرير المرأة والحال أنه
يُعيد إنتاج قرون الظلام، لإحكام قبضته على الإنسان ذكرا كان أو أنثى. فهل نفرح بذلك ونرضخ أم نقاوم ونصرخ؟! “
أنهيتُ خطابي وأنا أرمق أسى وكَمْدًا يقطر من مقلتي أمّي وبعد برهة امتدت ذراعاها لتعتصرني في حضنها معبّرة
لي عن افتخارها بابنتها وعزمها على مواصلة دربها في تحرير المرأة من كل قيود الماضي المتستر بشعارات الحداثة
كان ذلك اليوم مبعث بهجة وسرور وعمل دؤوب طال كل أفراد أسرتي وشرع يفت شيئا فشيئا في جلمود صخر آن
الأوان للتخلّص من رُزْئِه الجاثم على الصدور.
الموضوع عدد3:
المحور الثاني : المرأة في المجتمعات المعاصرة
الموضوع : تولّت إحدى النساء رئاسة لجنة حيكم لكن صديقك استنكر ذلك ورأى أن في تولي المرأة لمثل هذه المهام إخلالا بواجباتها إزاء أسرتها وتنكرا لرسالتها وتهديدا لمكانة الرجل وهيبته في المجتمع فخالفته الرأي ونبهته إلى ما في الموقف من اعتداء على حقوقها، وعرقلة المسيرة المجتمعات نحو الرقي والتقدم.
انقل الحوار الذي دار بينكما مبرزا ما اعتمدته من آراء وحجج لدحض موقفه.
1 – التفكيكُ والفَهْمُ
المُعطى :
يشير إلى موقفين من رسالة المرأة في المجتمع :
- الصديق : يحصر دور المرأة في الاعتناء بأسرتها + يعتبر مشاركتها في الأنشطة الاجتماعية إخلالا بهذه الرسالة + تهديدا لمكانة الرجل وهيبته.
أنت : تخالفه الرأي / تعتبر موقفه اعتداء على حقوق المرأة + عرقلة لمسيرة المجتمعات نحو الرقي والتقدم.
المطلوب :
يحيل على نمط الكتابة : حوار حجاجي ثنائي ← «انقل الحوار الذي دار بينكما». يدعو إلى التركيز على مخاطبات الطرف الثاني «أنت» ← مبرزا ما اعتمدته من آراء وحجج لدحض موقفه.
ا – البناء وتجسيم التخطيط المُقَدِّمَةُ :
مدخل عام : لئن شهدت المجتمعات البشرية عامة والمجتمع العربي خاصة تطوّرا على جميع الأصعدة فإن نظرتها إلى المرأة قد ظلت متأثرة بأفكار موروثة تضعها في مرتبة دون مرتبة
الرجل وتنكر مساهمتها في الأنشطة الاجتماعية على اختلافها.
مقدمة سردية : فهذا أحد أصدقائي يعترض بشدّة على فكرة ترأس سيدة من سيدات حينا لجنة صيانته، ويرى أن في تولّي المرأة لمثل هذه المهام إخلالا بواجباتها إزاء أسرتها وتنكرا لرسالتها وتهديدا لمكانة الرّجل وهيبته في المجتمع ساءني موقفه لما رأيت فيه من استنقاص للمرأة في عصر أثبتت فيه جدارتها وقدرتها على الوقوف إلى جانب الرجل في معركة البناء الحضاري وقررت أن أنبهه إلى ما في نظرته تلك من اعتداء على حقوقها، وعرقلة لمسيرة المجتمعات
نحو الرقي والتقدم.
الجَوْهَرُ :
موقف الصديق
- ينحصر دور المرأة منذ أقدم العصور في الاعتناء بشؤون أسرتها وهو دور يستجيب لما تتميز به من خصائص نفسية وجسدية وذهنيّة. فالله سبحانه وتعالى قد ميّز بين الرجل والمرأة حتى يكون كل واحد منهما مؤهلا لأداء رسالته على أكمل وجه.
- توارثت المرأة مهمة الاعتناء بشؤون أسرتها عبر الأجيال فاكتسبت في ذلك خبرة لا توجد عند الرجل. وهذا يعني أن استقرار الأسرة وسلامة الأبناء رهينا اضطلاع المرأة بهذه الرسالة النبيلة. أما إذا أخلت بها وراحت تنافس الرجل في مهامه فإنّها ستكون سببا في خراب المجتمع. – إن مهام القيادة والتسيير وما شابهها من مسؤوليات كانت وستظل مهمة الرجل وحده والتاريخ يشهد بذلك فأغلب القادة العسكريين والزعماء السياسيين كانوا من الرجال فكيف تجرأ المرأة المعاصرة، باسم التحرّر والتّطوّر على تهديد مكانته والمساس بهيبته. أليس الأجدر بها أن تتجنب الدخول في معركة غير محمودة العواقب ؟
موقفك
يتوزع، حسب ما نص عليه المعطى، إلى ثلاثة أقسام :
- إنكار موقف الصديق وبيان خطئه
- الإشارة إلى أنّك ما كنت لتستغرب الموقف لو صدر عن أب أو عن جد يتمسك بأفكار موروثة أما أن يصدر عن شاب ينتمي إلى جيل تحرّر من سيطرة المعتقدات الزائفة فذلك أمر يدفع إلى التفكير والحيرة.
- الإشارة إلى أنّ في موقف الصديق تكريسا لعقلية يفترض زوالها مع عصور التدهور والانحطاط لأنها عقلية تستنقص المرأة وتعتبرها في مرتبة دون مرتبة الرّجل، بل تجعلها تابعا له مسخرا لخدمته، بعد أن أثبتت جدارتها وقدرتها على الوقوف إلى جانبه في معركة البناء الحضاري.
- الإشارة إلى أنّ المرأة لم تلازم البيت ولم ينحصر دورها في الاعتناء بشؤون أسرتها إلا في عصور التدهور والانحطاط. فلقد كانت منذ أقدم العصور تشارك الرجل أنشطته وتساهم في ابتكار العلوم والفنون والصناعات، وفي تاريخ حضارتنا ما يؤكّد بروز نساء كثيرات في مجال الفن والأدب والسياسة مثل الخنساء وشجرة الدر … وقد أكدت الكاتبة اللبنانية مي زيادة على ذلك بقولها : «كل خطوة خطاها الرجل في سبيل التقدم والحضارة قابلتها المرأة بخطوتين وكان عملها أشق من عمل الرجل وأطول».
- تنبيه الصديق إلى أن الأعباء المنزليّة ليست مسؤولية المرأة وحدها وإنما هي مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد الأسرة بعد أن أصبحت المرأة المعاصرة تنشط داخل البيت
وخارجه.
- من الخطأ الاعتقاد في وجود أعمال رجالية» و«أعمال نسائية» بعد أن أثبتت المرأة قدرتها على ارتياد مجالات كان النّاس إلى زمن غير بعيد يعتبرونها حكرا على الرجل. ألم تغزو المرأة الفضاء ؟ ألم تقد شعوبا بأسرها ؟ ألم تكتشف وتخترع وتبتكر ؟ كل ذلك من أجل مجتمعها ومن أجل البشريّة بأسرها ثم أليس في اختيار أعضاء لجنة الحي لتلك السيدة اعتراف بفضلها وبقدرتها ؟ لم لم يرو في ذلك، مثلما رأيت مساسا بهيبة الرجل ؟
- اعتبار موقفه اعتداء على حقوق المرأة
- النظرة المستنقصة للمرأة، مهما كانت ،دوافعها تمثل اعتداء على حقوقها الإنسانية والاجتماعية وتكرس نظرة زالت بزوال العبودية.
- التمييز بين الرجل والمرأة على أساس الجنس نوع من العنصرية يتنافى ومبادئ حقوق الإنسان كما أقرتها الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية.
- تحرر المرأة لا يتم إلا إذا أصبحت عنصرا فاعلا في المجتمع وفي ذلك يقول الكاتب بو علي ياسين : «إنَّ عمليّة تحرّر المرأة ومساواتها تستدعي منها الإسهام الفعال في إنتاج
الحضارة».
اعتبار موقفه عرقلة لمسيرة المجتمعات نحو الرقي والتقدم.
- هذا التمييز والإقصاء يحرم المرأة من استغلال قدراتها في ما ينفعها وينفع مجتمعها. – إقصاء المرأة يحرم المجتمع من استغلال طاقات نصف أفراده في مسيرته نحو الرقي والتقدم. إذ كيف لمجتمع أن يبلغ الرقي والتقدم و«نصفه مغلول مشلول» كما يقول الطاهر
الحداد.
- إن رقي المجتمعات وتطوّرها يمرّ عبر تطوّر العقليات وتحرّرها من كل ما يشدّها إلى الخلف ولذلك بات من الضروري أن تزول العقلية التي تستنقص المرأة وتحصر مهامها في الاعتناء بشؤون البيت والأبناء. ولتعلم أن مساهمة المرأة في النّشاط الاجتماعي قد صارت في نظر بعض المفكرين الغربيين معيارا من المعايير المستعملة في تقدير درجة تطور
المجتمعات».
الخاتمة :
تكون سرديّة وتنتهي باقتناع الصديق أو عدم اقتناعه بوجهة نظرك.
الموضوع عدد4
الموضوع :
“انتسبت أختك إلى جمعيّة تعنى بالعمل السّياسيّ و الاجتماعيّ و الثّقافيّ فاعترض والدك على ذلك زاعما أنّ المرأة عاجزة عن التّوفيق بين مهامّها داخل البيت و خارجه فحاولت أختك أن تقنعه بقدرة المرأة على الإسهام في بناء الأسرة و المجتمع.”
اُنقل الحوار الّذي دار بينهما مبيّنا الحجج الّتي اعتمدتها أختك في إقناع أبيك.
المقدّمة :
لئن حقّقت المرأة اليوم من المكاسب ما جعل العقليّة القائلة بقصورها و عجزها تندثر فإنّ الكثير من النّاس ما زالوا يعتقدون أنّها بحكم دورها الكبير في تنشئة الأبناء و إعدادهم للمستقبل قد عجزت عن التّوفيق بين مهامّها في الأسرة و دورها في المجتمع و يعدّ أبي من بين هذه الفئة إذ أثار اندهاشي يوما عندما انتسبت أختي إلى جمعيّة تُعنى بالعمل السّياسيّ و الاجتماعيّ و الثّقافيّ فاعترض على ذلك زاعما أنّ المرأة عاجزة عن التّوفيق بين مهامّها داخل البيت و خارجه فحاولت أختي أن تقنعه بقدرة المرأة على الإسهام في بناء الأسرة و المجتمع.
جوهر الموضوع:
حدث ذلك عندما قرّرت أختي الكبرى الّتي تحصّلت على شهادة الأستاذيّة في العلوم القانونيّة أن تحتفل بعيد المرأة العالميّ صحبة زميلاتها المتحصّلات على شهائد جامعيّة في مقرّ جمعيّة نسائيّة تُعنى بالعمل السّياسيّ و الاجتماعيّ و الثّقافيّ و قد شجّعت هذه الجمعيّة الطّالبات المتفوّقات على الانتساب إليها و النّشاط ضمن هياكلها فعادت أختي فرحة مستبشرة بهذا النّبأ و قد غمرتها الآمال العظام و الأحلام الجامحة بما تتوق إلى إنجازه من مشاركة في الحياة السّياسيّة و إسهام في أعمال اجتماعيّة تحقّق فيها ما تاقت إليه من طموحات و خاصّة في المجال الثّقافيّ فقد كانت أختي موهوبة في كتابة الشّعر و القصّة و أسرعت إلى أبي تبشّره بما عزمت عليه و في ظنّها أنّه لن يتوانى عن تشجيعها و شدّ أزرها و لكنّه ما أن سمع قولها حتّى ثار في وجهه الدّم و طغى في رأسه الغضب و كاد يتمزّق من الغيظ و أشاح عنها بوجهه رافضا ما عزمت عليه و هدّد و توعّد بالويل و الثّبور إن هي أنجزت ما تقول حينها أدركت شقيقتي أنّها في موقف حرج و أيقنت أنّ من الصّعوبة إقناعه بخطأ تصوّره و غفلته عن الحقيقة و لكنّها صمّمت على المضيّ قُدُمًا في الدّرب الّذي تخيّرته بكلّ عزيمة و ثبات و إن ملأته الأشواك و شابته العثرات فأردفت قائلة:
-“أيْ أبتِ .. لم أتصوّرك يوما كارها تألّقي و نجاحي و ما فلاحي اليوم غير ثمرة من ثمار تضحيتك و مزيّة من مزايا بَذْلِكَ ذات اليد و ذات النّفس من أجلنا .. فكيف تكتفي بنجاح محدود أحقّقه و يعزّ عليك أن ترى نجاح المرأة في نجاح ابنتك ..!؟ يا أبي إنّ تطوّر المجتمعات البشريّة و تطوّر عقليّاتها قد ارتقى بالمرأة إلى مركزها الطّبيعيّ إلى جانب الرّجل في معركة بناء الحضارة بمختلف مستوياتها السّياسيّة و الاجتماعيّة و الثّقافيّة فزالت بذلك العقليّة الّتي تنظر إليها على أنّها مقتصرة على خدمة زوجها و أبنائها في البيت و إنّ الواقع يثبت ذلك فالمرأة اليوم عنصر فاعل في المجتمع ضمن مختلف أماكن العمل فهي في المصنع و في المؤسّسة و في المدرسة و غزت الفضاء دون رهبة أو خوف مثل رائدة الفضاء الرّوسيّة “هيلينا تيرشكوفا” بل إنّها قد شغلت أحيانا مناصب سياسيّة حسّاسة و أدارت شؤون الدّولة بحنكة و تدبير كبيرين على غرار المستشارة الألمانيّة “أنجلا ماركل” و كذلك “مارغريت تاتشر” الّتي ترأّست الحكومة البريطانيّة لعديد السّنوات و عُرفت بالمرأة الحديديّة و أيضا “أنديرة غاندي” زعيمة الهند الّتي وسعت شهرتها الآفاق و قادت شعبا من مئات الملايين من البشر و “هيلاري كلينتون” وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة .. و تعدّ تونس مثلا من أبرز البلدان العربيّة جرأةً في تحسين وضعيّة المرأة و منزلتها اجتماعيّا و سياسيّا و ثقافيّا فاقتحمت كلّ المجالات الفنيّة و التّربويّة و الاقتصاديّة و كان لها صيتها الشّائع و صداها الطيّب و يمكن القول إنّ المرأة التّونسيّة صارت تضاهي اليوم نظيراتها الغربيّات و ليس أدلّ على ذلك من اشتراط مبدأ المناصفة بين الجنسين في القوائم الانتخابيّة خلال انتخابات المجلس التّأسيسيّ التّونسيّ و احتلال المرأة لنسبة هامّة من بين أعضاء المجلس إضافة إلى اضطلاعها بمهامّ الوزارة على غرار وزارتي البيئة و شؤون المرأة كما تضطلع المرأة التّونسيّة بدور هامّ و فعّال في منظّمات المجتمع المدنيّ الثّقافيّة و السّياسيّة. و لا تقف أهميّة المرأة في المجتمع عند حدود السّياسة بل تتعدّاها إلى المجال الثّقافيّ الّذي تطوّرت فيه لتصبح كائنا ثقافيّا فاعلا و مضيفا إلى الكتابات الثّقافيّة و لقد جاء في الأمثال قولهم:”إن علّمت رجلا علّمت فردا و إن علّمت امرأة علّمت عائلة و من ثمّة تكون علّمت جيلا و أجيالا و مجتمعا” و ما أعلام النّساء و الشّهيرات في الأدب و الرّواية على غرار عروسيّة النّالوتي و جميلة الماجري من تونس و غادة السمّان من سوريا و أحلام مستغانمي من الجزائر إلاّ مثالا من جملة الأمثلة و كم مرّة تطلع علينا المرأة بمقالات و أبحاث جريئة في مختلف الميادين .. و خلاصة القول أنّ المرأة ركن أساسيّ في البناء الحضاريّ الّذي نروم تأسيسه اليوم فلا يصحّ أن نبني العالم و قد استغنيْنا عن نصف طاقته المنتجة الفعّالة في حين تمكّن مشاركة المرأة في مختلف الأنشطة الاجتماعيّة من استغلال طاقات جميع أفراد المجتمع لتتوفّر فرصة الإسراع بالرقيّ و التّقدّم.”
حملق في وجهها و كأنّه قد تفاجأ لما سمعه منها ثمّ صمت لحظةً صمتَ من يجمع أفكاره و يلمّ شتات رأيه عساه يُضعِفُ موقفها و يُسلِسُ قيادها ثمّ قال و قد أشرق وجهه و كأنّه تيقّن من إفحامها بحجّة دامغة :
-“صَـهْ .. صَـهْ .. رويدك يا ابنتي فهلاّ تمهّلت في إصدار أحكامك جزافا دون تفكير و لا رويّة ..! ذلك أنّك فهمت الواقع على غير حقيقته و لامست ظاهره و أغفلت حقائقه الكامنة في باطنه فرغم تطوّر المرأة ما زالت مبعدة عن اتّخاذ القرارات السّياسيّة و الثّقافيّة و الاقتصاديّة و حتّى اعتماد مبدأ المناصفة بين الجنسيْن في انتخابات المجلس التّأسيسيّ التّونسيّ قد كان شكليّا إذ لا يصعد إلى المجلس إلاّ رأس القائمة الانتخابيّة في حين لا نجد من النّساء على رؤوس القوائم سوى عدد قليل انعكس على نمط حضور المرأة ضمن أعضاء المجلس التّأسيسيّ بعد ذلك هذا في ما يخصّ المجال السّياسيّ أمّا في الإطار الاقتصاديّ فنلاحظ تدنّي أجرتها مقارنة بأجرة الرّجل في جلّ بلدان العالم رغم أنّها تعمل ضعف ساعاته عدا الاستغلال الفاحش كقلّة الضّمانات و الأجور و تعدّد وظائفها خارج المنزل و داخله لتصبح طاقة مشتّتة دون أن ننسى عدم ثقة المرأة في المرأة سياسيّا إذ توجد نسبة كبيرة من النّسوة يحبّذن انتخاب الرّجل حسب إحصاءات الأمم المتّحدة أمّا من النّاحية الثّقافيّة فإنّنا نلاحظ كثافة إنتاج المرأة و قلّة التّجديد ذلك أنّه إبداع تقليديّ حيث تهتمّ المرأة في أدبها و كتاباتها بالحريّة و الحبّ و الجنس و الثّأر من الرّجل فقط على غرار نوال السّعداوي أو ميْ زيادة فكان خطابها مبالغا في تمجيد المرأة و جعلها مؤسّسة لكلّ أنشطة الحياة و علومها و فنونها بل ذهبت إلى السّخرية اللاّذعة من الرّجل لتؤكّد رغبتها في الثّأر منه و النّقمة عليه و لعلّ الجوائز العالميّة تترجم هذه الثّغرات في إبداع المرأة فمثلا ضمن حوالي واحد و أربعين و أربعمائة من الحاصلين على جائزة نوبل في العالم في المجال العلميّ نجد إحدى عشرة امرأة فقط فحذار من التّسرّع يا بنيّتي و نظرًا عميقا في حقائق الأمور فالمرأة لم تقطع شوطا شاسعا في مختلف المجالات كما يبدو من أحكامك المتسرّعة و إنّما هي ما زالت في فجر تحرّرها و بدايات مشاركتها في بناء المجتمع إلى جانب الرّجل.”
كانت أختي تنصت إلى كلام أبي مذهولة متعجّبة و قد أيقنت أنّ إقناعه بخطأ تصوّره ليس بالأمر الهيّن فحججه لا تخلو من وجاهة و رؤيته تدلّ على رجاحة فكر و إدراك لجواهر الأمور و إن كان يغالي في التّحامل على المرأة و ينكر فضلها على المجتمع فقالت بصوت تملأه الثّقة و يغمره الإيمان بتغيير موقفه :
-“لله درّك و لله درّ حجج تجيء بها .. ما أحكم أصولها و أحسن فصولها و أقلّ عيوبها .. و لكن إيّاك و ظلم المرأة يا أبتِ .. بل .. إنصافَـها .. إنصافَـها .. ذلك أنّ حرمان المرأة من إبراز مواهبها و استغلالها في ما ينفعها و ينفع المحيطين بها يتنافى و مبادئ الحريّة و الكرامة و العدالة الاجتماعيّة و قد أثبت الواقع و التّجربة أنّ أكثر البلدان تخلّفا هي أكثرها امتهانا للمرأة و احتقارا لها و تنكّرا لحقّها في الانخراط ضمن المجموعة و هذا يعني منطقيّا و عقليّا أنّ المنزلة الّتي تحظى بها المرأة في المجتمع يمكن أن تكون معيارا لقياس مدى تقدّم الشّعوب أو تخلّفها و ليس من باب المصادفة و الاتّفاق أن نجد المرأة في المجتمعات الأكثر تقدّما فاعلة في المجالات السّياسيّة و الاجتماعيّة و الثّقافيّة و حتّى الاقتصاديّة فقد ساعد خروج المرأة إلى العمل في ارتفاع مستوى المعيشة في بلادنا فهي بما توفّره من مداخيل إضافيّة تساعد الزّوج على تلبية حاجات الأسرة و تخفّف عليه عبء المسؤوليّة الأسريّة في عصر لعبت فيه وسائل الإعلام دورا كبيرا في خلق عقليّة استهلاكيّة لا تكتفي بالضّروريّ و إنّما تميل إلى الكماليّ ممّا لا يقدر عليه ربّ الأسرة بمفرده مهما كانت موارده. و هكذا فإنّ إسهام المرأة في البناء الحضاريّ قد أعاد إليها ثقتها بنفسها و أسهم في خلق جيل جديد من النّساء لا يؤمن بالعراقيل و العقبات بل يمضي على درب تحقيق المطامح بكلّ حزم و ثبات فأين امرأة اليوم من امرأة الأمس ؟ و من جهة أخرى فإنّ التطوّر الماديّ الّذي شهده مجتمعنا لا بدّ أن يصاحبه تطوّر فكريّ و كلّ من ينظر إلى امرأة اليوم بعقليّة الأجداد أولى به و أحرى أن يعيش حياة الكهوف فلا مجال اليوم لمثل هذه العقليّات الّتي كانت سببا في تخلّفنا قرونا عديدة.”
تغيّرت ملامح وجه أبي و اجتاحت عينيه نظرات غريبة تشي بما يجول في رأسه من أفكار تمتهن المرأة و تنكر عليها حقوقها في بناء الحضارة و كانت تبدو عليه علامات الارتباك و قد بدأ يتحسّس قصور موقفه و حدود نظرته لكنّه استجمع أفكاره و عاد ليقول في محاولة أخيرة للإقناع بموقفه:
-“قد تستأثر المراة بمواقع في المجتمع أرى الرّجل أجدر بها و لكنّ ذلك لا يشرّع سيطرتها في المجالات الثّقافيّة و الاجتماعيّة و السّياسيّة و قد كان من الأجدر أن تهتمّ بالأسرة و تربية الأبناء و خدمة الزّوج و إنّ التّاريخ العربيّ و الإسلاميّ لا يدعو إلى تشريك المرأة في الواقع بمثل هذا القدر الكبير فقد كانت المرأة سلعة ً أو مخلوقا من الدّرجة الثّانية بل كانت وسيلة التّسلية العظمى كالجواري في قصور الخلفاء بل إنّ بعضهنّ مثّلن طريق الغواية و الضَّلال .. ألم تر ما حدث لآدم عليه السّلام إذ أُنزل من الجنّة بسبب زوجته حوّاء و كذلك ما ذكره الله في “سورة التّحريم” ضمن الآية العاشرة إذ يقول في كتابه العزيز :”ضرب الله مثلا للّذين كفرواامرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبديْن من عبادنا صالحيْن فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيْئا و قيل اُدخلا النّار مع الدّاخلين”صدق الله العظيم ..ثمّ إنّ المرأة ممنوعة في كثير من المجالات مثل الخلافة إذ لهذا المنصب أعباء جسيمة تتطلّب قدرة كبيرة لا تتحمّلها المرأة عادة و تتنافى مع طبيعتها النّفسيّة و الجسديّة و قد ذهب جمهور العلماء على إلى اشتراط الذّكورة في القضاء كما أكّد الله ذلك في الآية الرّابعة و الثّلاثين من سورة النّساء إذ يقول :”الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم” و من ناحية أخرى فلا تجوز إمامة المرأة لجماعة الرّجال في الصّلاة باتّفاق الفقهاء و من جهة مقابلة فإنّ الرّسول صلّى الله عيه و سلّم لم يُوَلِّ امرأة في حياته .. و جملة القول أنّ المرأة لم تستأثر في التّاريخ العربيّ و الإسلاميّ بمنزلة رفيعة تميّزها عن الرّجل أو تضعها في مرتبته في مختلف المجالات الثّقافيّة و الاجتماعيّة و السّياسيّة .. فلا تتوهّمي يا بنيّتي الخيالات حقيقة و فإنّ كثيرا من الأشياء يختلف ظاهرها عن باطنها و لا يصف حقيقتها و لا يعكس جوهرها فقد ” زَعَموا أنَّ ثعلَبًا أتي أجَمَةً فيها طَبلٌ مُعَلَّقٌ علي شَجَرَةٍ
وكُلَّما هَبَّتِ الرِّيحُ علي قُضبانِ تلك الشَّجَرَةِ حَرَّكَتها فَضَرَبَتِ الطَّبلَ فسُمِعَ له صوتٌ عظيمٌ
باهِرٌ. فَتَوجَّهَ الثعلَبُ نحوه لأجلِ ما سَمِعَ من عَظيمِ صَوتِهِ. فلمَّا أتاهُ وَجَدَهُ ضخمًا فأيقَنَ في
نَفْسِهِ بكثرَةِ الشَّحمِ واللَّحمِ. فعالَجَهُ حتي شَقَّهُ، فلمَّا رآهُ أجوَفَ لا شيء فيه قالَ: لا أدري لعلَّ
أفشلَ الأشياءِ أجهَرُها صوتًا وأعظَمُها جُثَّةً “. و ما علاقة هذا الثّعلب بالطّبل بغير تمثيل لعلاقتك بظاهر
الأمور تقفين عندها و تحسبينها الحقيقة كلّها ..”
حينئذ أدركت أختي أنّ هذه الجولة هي الأخيرة من هذا الحوار فقالت و كلّها أمل في نصر قريب:-“ما أوسع اطّلاعك يا أبتِ و ما أشدّ تجنّيك على المرأة فنعم تنوُّعُ معارفك و بِئْسَ ظلمُ المرأة فهلاّ استمعت إلى ردّي لعلّي أفلح في إقناعك بوجهة نظري !؟ .. إنّ المكانة الّتي حظيت بها المرأة في الإسلام تنهض دليلا على أنّ إقصاءها و حرمانها من إظهار مواهبها و المشاركة في عمليّة البناء قد تزامن دوما مع عصور التّدهور و الانحطاط فهل يمكن القول بأنّ المرأة المسلمة عانت من الانتقاص في عصر السّيادة الإسلاميّة عندما نجد كتب التّاريخ تحدّثنا عن الدّور الأساسيّ و الحاسم الّذي قامت به السيّدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في نُصرة الرّسول صلّى الله عليه و سلّم و تثبيته في فجر الدّعوة الإسلاميّة ثمّ نرى الأهميّة القصوى الّتي ميّزت دور أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها في رواية أحاديث الرّسول صلّى الله عليه و سلّم و شرحها و تبليغ سنّة النّبيذ صلوات الله عليه و سلامه الّذي قال ك”تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا .. كتاب الله و سنّتي..” ليكتسي دورها قيمة أكبر في هذا السّياق كما تحدّثنا كتب التّاريخ عن الزّرقاء بنت عديّ كيف كانت تقف في جموع المسلمين من أنصار عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه تدعوهم على القتال ثمّ نراها بعد ذلك تقف شامخة أمام معاوية بن أبي سفيان و هو يحاسبها على ما بدر منها فضربت بذلك خير مثال في الوفاء و الثّبات على المبادئ و المواقف الحاسمة و نجدها أيضا تحدّثنا عن شجرة الدرّ الّتي استطاعت أن تقود أمّة بأكملها في أعتى المراحل و أخطرها في التّاريخ العربيّ الإسلاميّ كما سيطرت الخيزران جارية الخليفة المهديّ و زوجته على مقاليد الأمور في عهده ثمّ حاول ابنها الهادي تقييد سلطتها فقتلته شابّا ثمّ ظلّت تسيطر على ابنها هارون الرّشيد الخليفة العبّاسيّ المعروف حتّى ماتت في عهده . و أمّا ما ذكرته من أمر حوّاء و اعتبارها سبب خروج آدم من الجنّة فهي ليست المسؤولة وحدها عن ذلك و لكنّها تتقاسم معه الذّنب مناصفة ً إذ يقول تعالى في “سورة البقرة”ضمن الآية الخامسة و العشرين :”فأزلّهما الشّيطان فأخرجهما ممّا كانا فيه ” صدق الله العظيم . و بالإضافة على كلّ هذا فإنّ الإسلام قد بوّأ المرأة منزلة رفيعة عندما جعل الجنّة تحت أقدامها فهل يجوز أن يعتبر ديننا الحنيف رضاها معبرًا إلى الجنّة ثمّ يحطّ من شأنها و يحرمها من أدنى حقوقها في خدمة مجتمعها و بناء واقعها و حضارتها ! ؟ ..”
الخاتمة :
عندما أكملت أختي كلامها لم يقل لها أبي أخطأت أو أصبت .. كلاّ .. و لم يحاسبها على مما بدر منها في كلامها بل كان يصغي إلى كلّ ما تقوله و كأنّه قد شرع في تدبّر معانيه و تقليبه على مختلف وجوهه ثمّ نظر إليها نظرة دافئة مليئة بالحنان و العطف و امتدّت أصابعه مرتجفة متثاقلة تداعب خصلات شعرها و لم يقل شيئا بل ودّعها بابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيْه و غادر المنزل بهدوء و بعد يوميْن كان موعد أختي لتقدّم مداخلة فكريّة ضمن اجتماع ينعقد في مقرّ الجمعيّة النّسائيّة و كم كانت دهشتها كبيرة و فرحتها عارمة عندما لمحت أبي جالسا في الصفّ الأوّل يشجّعها و يصفّق لها بحرارة ليتّضح من خلال ذلك أنّ فضل المرأة اليوم قد غدا مشعّا على مختلف المجالات و لا يمكن أن ينكره صاحب فكر معتدل و حكم عادل.
الــمــلاحـــظـــات الــمــنــــهــجــيّــة:
ü مدخل عامّ يتضمّن موقفين متعارضين يرتبطان بالوضعيّة الخلافيّة المطلوبة + الرّبط ( ومن بين هذه الفئة ) + التّأطير السّرديّ ( يتمّ فيه تضمين نصّ المعطى ) .
ü يتجنّب المترشّح إصدار الأحكام و إبداء الرّأي في المقدّمة من قبيل : “أرى/أعتبر / إنّ /لا بدّ من الإقرار بـ…”
ü ينفتح جوهر الموضوع بتأطير سرديّ مفصّل لما ورد مجملا في المقدّمة . هذا التّأطير يستثمر فيه المترشّح السّرد و الوصف والحوار الباطنيّ في تعيين الزّمان و المكان و العلاقة بين طرفيْ الحوار و الحدث القادح للحوار الحجاجيّ ثمّ الرّبط مع الإشارة السّرديّة الأولى لينطلق الحوار. ينفتح جوهر الموضوع بتأطير سرديّ مفصّل لما ورد مجملا في المقدّمة . هذا التّأطير يستثمر فيه المترشّح السّرد و الوصف والحوار الباطنيّ في تعيين الزّمان و المكان و العلاقة بين طرفيْ الحوار و الحدث القادح للحوار الحجاجيّ ثمّ الرّبط مع الإشارة السّرديّة الأولى لينطلق الحوار.
يمكن المراوحة بين الحوار المباشر و الحوار غير المباشر (المنقول) : مثال كلام الأب في مفتتح جوهر الموضوع.
لا بدّ من اعتماد إشارة سرديّة تدعم الحوار و تمهّد له و تصوّر العلاقة بين طرفي الحوار و الحالة النّفسيّة لكلّ منهما و عدم الاقتصار على أفعال القول فقط بل المضيّ في استثمار الوصف و السّرد و الحوار الباطنيّ.
يمكن بناء الحوار الحجاجيّ طرادة بطرادة أو في مخاطبتيْن مطوّلتيْن ليتدخّل كلّ من المتحاوريْن مرّة واحدة.
توزيع الحوار إلى طرادة بطرادة يقتضي إحكام بنائه و ذلك بالحرص على أن ينطلق المتدخّل من الردّ على رأيه السّابق ثمّ يمرّ إلى عرض رأيه.
تتكوّن الفقرة الحجاجيّة وجوبا و في كلّ مخاطبة من (أطروحة + حجّة + مثال + استنتاج) مع استعمال العبارات الدالّة على الاستنتاج و تنويع الحجج و الأمثلة و ترتيبها ترتيبا يخدم الخطّة الحجاجيّة.
تبدأ الفقرة الحجاجيّة بتعليق على الرّأي السّابق للمخاطب و إبداء موقف منه و ذلك باستخدام الأعمال اللّغويّة المناسبة : التّحذير / الدّعاء / الإغراء / التّعجّب / المدح و الذمّ / النّداء / الأمر و النّهي / الالتماس و التّحضيض / الشّرط / الاستفهام ..التّصغير..
نلاحظ أنّ هذه الأعمال اللّغويّة تمثّل دروسا في علم النّحو ضمن برنامج اللّغة للسنّة التّاسعة من التّعليم الأساسيّ و يستحسن أن يتمّ إدماج مكتسبات التّلميذ من اللّغة في الإنتاج الكتابيّ.
يحرص المترشّح على استعمال عبارات و تراكيب تسهم في توضيح الأفكار كأسلوب التّصنيف و التّفصيل : فأمّا .. و أمّا ../ فمن جهة … و من جهة أخرى ../ أوّلا .. و ثانيا … و ثالثا … / كذلك .. كما ..
الحرص على مقروئيّة الخطّ و وضوحه .
استخدام علامات التّنقيط المناسبة : (! / !؟ / .. / ؟ …)
الفصل بين المقدّمة و الجوهر و الخاتمة فصلا شكليّا بترك سطر فارغ بينها.
العودة إلى السّطر بعد انتهاء كلّ فقرة .
ترك فراغ في بداية كلّ فقرة جديدة .
نتجنّب في الخاتمة التّصريح بعبارة (اقتنع) بل نستثمر أنماط الكتابة من سرد و وصف و حوار باطنيّ لتصوير مآل الحوار الحجاجيّ (تراجع المخاطب عن رأيه / إصرار المخاطب على رأيه / مراجعة المتكلّم لبعض آرائه و دخوله في مرحلة تفكير يخرج منها بحقائق جديدة.)
يستحسن إنهاء الخاتمة بتعليق عامّ أو استنتاج نظريّ يؤكّد مآل الحوار الحجاجيّ.
رابط مجموعتنا للسنة التاسعة أساسي على الفايسبوك